«بطاقة خضراء» سعودية للمقيم المثالي بقلم بندر بن عبد العزيز الضبعان

الاقتصاد الآن

2181 مشاهدات 0



مطلع هذا الأسبوع، وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – رعاه الله - كلا من وزارة الداخلية ووزارة العمل بإعطاء فرصة للعمالة المخالفة لنظام العمل والإقامة في المملكة لتصحيح أوضاعها في مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ التوجيه الملكي، على أن يتم تطبيق النظام على المنشآت والأفراد المخالفين بعد انتهاء المهلة.

وكانت الوزارتان بالتعاون مع إمارات المناطق قد نفذتا حملات غير مسبوقة لتطهير البلد من العمالة السائبة والمخالفة للأنظمة، وانقسم السعوديون في الآراء بين مؤيد ومعارض، إلا أنني أنحاز إلى الفريق المؤيد، والمؤيد بقوة لهذه الحملات، حتى إن أدت إلى نتائج سلبية (مؤقتة) على بعض الأعمال، كالتوقف أو تعطل التشغيل، فالمصلحة العامة تقتضي أن نتنازل عن بعض المكاسب، ونضغط على أنفسنا لفترة قصيرة short-term pain for long-term gain، خاصة أن بعض الشركات والمؤسسات لا تعمل بطريقة نظامية منذ تأسيسها، وبالتالي لا تستحق أن تعيش في ظل الاقتصاد الوطني.

وكان مجلس الوزراء السعودي قد وافق – قبل أقل من شهر – على تعديل نص المادة (39) من نظام العمل التي جاءت على فقرتين على النحو التالي:

1 - لا يجوز - بغير اتّباع القواعد والإجراءات النظامية المقررة - أن يترك صاحب العمل عامله يعمل لدى الغير، ولا يجوز للعامل أن يعمل لدى صاحب عمل آخر، كما لا يجوز لصاحب العمل توظيف عامل غيره، وتتولّى وزارة العمل التفتيش على المنشآت، والتحقيق في المخالفات التي يتم ضبطها من قبل مفتشيها، ومن ثم إحالتها إلى وزارة الداخلية لتطبيق العقوبات المقررة بشأنها.

2 - لا يجوز لصاحب العمل أن يترك عامله يعمل لحسابه الخاص، كما لا يجوز للعامل أن يعمل لحسابه الخاص، وتتولّى وزارة الداخلية ضبط وإيقاف وترحيل وإيقاع العقوبات على المخالفين من العاملين لحسابهم الخاص (العمالة السائبة) في الشوارع والميادين والمتغيبين عن العمل (الهاربين)، وكذلك أصحاب العمل والمشغلين لهؤلاء والمتستّرين عليهم والناقلين لهم وكل من له دور في المخالفة وتطبيق العقوبات المقررة.

كما ألغى قرار مجلس الوزراء المادة (233) من نظام العمل، وخول القرار ذاته وزارة العمل ووزارة الداخلية بالتنفيذ.

ومع تأييدي الكامل لحملات وزارتي العمل والداخلية، أود أن أقترح منح ''بطاقة خضراء'' للإقامة، وهذه الميزة تأتي بمثابة منزلة بين منزلتين، فهي ليست ميزة بمستوى ''الجنسية''، ولا هي بالإقامة الاعتيادية المربوطة بالخدمات أو الكفيل.

إن نظام ''الجنسية العربية السعودية'' الصادر عام 1954م، يقنن حالات منح الجنسية السعودية واكتسابها وإسقاطها وسحبها وغير ذلك، وقد خضع لتعديلات كثيرة كان أبرزها في عام 2004 حين تم تعديل ثماني مواد رئيسة، منها المادة (9) التي توضح أحكام منح الجنسية السعودية للأجنبي.

كما حددت اللائحة التنفيذية لنظام الجنسية الفئات التي ينتمي لها المتقدم بطلب الجنسية مشترطة أن يكون من أصحاب المهن التي تحتاج إليها البلاد، وهم - وفقا للمادة (11) - العلماء والأطباء والمهندسون وأصحاب التخصصات النادرة، وخضعت اللائحة لتعديلات عديدة، حيث جرى قبل أشهر تعديل المادة (7) التي تتناول المولودين في السعودية لأب أجنبي وأم سعودية، وتعديل الفقرة (6) من المادة (21) من اللائحة حول منح الجنسية السعودية للمرأة الأجنبية المتزوجة من سعودي.

لهذا، نطرح فكرة منح ''البطاقة الخضراء'' للمقيم ''المثالي''، وهو ذلك المقيم الذي تنطبق عليه شروط عدة منها، إقامته في البلد مدة معينة من دون مشكلات، كخلوه من السوابق الجنائية أو المخالفات المرورية، واستفادة البلد من خدماته والحاجة إليه في مهن قد لا تصل إلى مرتبة التخصصات النادرة (كالأطباء أو المهندسين)، ويمكن إضافة شروط أخرى تحقق المصلحة العامة.

لكن يجب أن نعترف أن هناك مهنا ووظائف غير مرغوبة من السعوديين (صعب توطينها)، لذا من الممكن أن نفكر بمنح عدد معين من المتقدمين سنويا للحصول على ''البطاقة الخضراء''، حق الإقامة والعمل دون الحاجة إلى كفيل، على أن يكون النظام واضحا فيما لو ارتكب ''المقيم'' أي مخالفات تخل بالبطاقة الممنوحة له، علما أن السعودية نجحت في معالجة مشكلة قديمة مع فئات من المقيمين، مثلما فعل وزير العمل المهندس عادل فقيه حين أصدر قراراً وزارياً ينص على احتساب الفئات المعفاة من الإبعاد، بربع نقطة (0.25) في برنامج نطاقات، ومن ضمنهم الفلسطينيون والبرماويون والتركستانيون.

من المهم أن ندرك أننا حين نؤيد حملات العمل والداخلية، لا ندعو إلى طرد الوافدين من البلد، إنما ندعو إلى حسن اختيار العمالة الأجنبية، من خلال وضع معايير للاختيار والاستقدام، فنحن لا نرضى أن نكون ''ورشة تدريب'' للعالم كل يجرب أدواته في أسواقنا، ولا نرضى أن يكون بلدنا مرتعا للعمالة السائبة والمخالفة، وليست مهمتنا أن نعيد تأهيل بعض الوافدين من خريجي السجون والمصحات النفسية، نريد أن يقيم بيننا العامل الوافد الواعي صاحب الصنعة والسلوك الحسن، ذلك الذي يفيد البلد وفي الوقت نفسه يستفيد

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك