حماس وأنفاق غزة!.. بقلم خليل حيدر

زاوية الكتاب

كتب 613 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  أنفاق غزة

خليل علي حيدر

 

لا يستطيع اي منا أن يشاهد ما يجري للنساء والأطفال والشيوخ والبيوت في «غزة»، دون أن يغمره الحزن والغضب والألم العميق والانقباض وكل المشاعر.
اي مدارس واي مخيمات ستأوي سكان القطاع الفارين من قصف الطائرات الاسرائيلية والمدافع والانفجارات، والى متى؟ الكثيرون ألغوا حياتهم الخاصة وسلامتهم وكل مطالبهم من الدنيا، وصار همهم الوحيد سلامة اطفالهم على الأقل!
احدى المسنات الفلسطينيات لخصت حال أهل غزة وهم تحت النار والحصار فقالت باللهجة الفلسطينية: «إحنا مش خايفين على حالنا.. ما ظل من العمر قد ما راح.. كل اللي خايفين عليه هالأطفال اللي تشتتوا معنا وما شافوا يوم حلو بحياتهم من الحصار والقصف». (الشرق الأوسط، 2014/7/19).
الاستراتيجية الاسرائيلية واضحة، ومعلنة، وهي تدمير مراكز اطلاق الصواريخ وتدمير الانفاق الممتدة من داخل غزة الى اسرائيل نفسها احياناً. ولكن ماذا تريد حماس؟ لماذا اثارت هذه الحرب وهي تعرف قوة اسرائيل وما سيجري لعامة شعب غزة اذا رد الطيران الاسرائيلي على صواريخ حماس؟ واذا كانت حماس متعاطفة مع شعبها الى هذا الحد وأهلاً للمسؤولية السياسية، فلماذا رفضت مبادرة التهدئة المصرية وأهانت الدبلوماسية المصرية برمتها وسخرت منها؟ حماس لم تستفد على الاطلاق من ستين عاماً، هي عمر التجربة الفلسطينية في مقاومة اسرائيل، تسبقها ستون أخرى قبل 1948! وعادت الى اثارة الشعارات من قبيل «غزة تعلم العرب الكرامة»، «حماس تهزم إسرائيل»، «القصف الاسرائيلي يزيدنا قوة». ولكن كل من يدرس أحوال غزة حتى في أحسن لحظات هيمنة حماس عليها، يدرك عمق ابتلاء الفلسطينيين بهذا التنظيم الذي لا يتجاوز فهمه للعزة والكرامة المعاني الرمزية والشعاراتية والمقاومة الانتحارية التي تحمل المزيد من الدمار والقتل والخراب والتشرد للشعب الفلسطيني. ولعل ما يقوله الكاتب «عبدالله بن بجاد العتيبي» في تشخيص جوهر اهداف حماس دقيقاً، أي «بقاء القضية الفلسطينية دون حل من اجل استمرار استغلالها والاستفادة منها وتوظيفها لمصالحهم، حتى لو أدى ذلك الى قتل العشرات والمئات من الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره». (الشرق الأوسط، 2014/7/20).
مغامرات «حماس» في غزة نفس مغامرات «حزب الله» في لبنان تهييج آلة الحرب الاسرائيلية دون رؤية استراتيجية ناضجة، اثارة حروب لا يستطيع الشعب اللبناني او الفلسطيني بل والمحيط العربي تحمل نتائجها، تحويل المنطقة الى بؤرة توتر وخرائب وآلات حربية يتصاعد منها النار والدخان، مع تزاحم وتصادم اللاجئين في كل مكان وسط الصراخ والصياح، ولا يهم دمار المنازل والمدارس، فالأموال التي ستتدفق من مصادرها المعروفة ستنشط ربما حسابات الاسلاميين وشركات المقاولات التي يمتلكونها. أما من وقع قتيلاً من اهالي غزة فهم شهداء.. وهكذا!.
وللأنفاق في غزة قصص تروى منذ اعوام، حيث باتت من مجالات الاستثمار والتجارة فترة وربما لا تزال بشكل أو بأخر.
من هؤلاء مثلاً التاجر «أبو حاتم» الذي نشرت الشرق الأوسط ما جرى له في عدد 2011/1/30، عندما اتصل به احد اصدقائه ليخبره بأنه قام بايداع مبلغ 18 الف دولار لدى احد الاشخاص الذين يعملون في تجارة الانفاق، وانه يحصل على ارباح، وقال انها تعتبر خيالية بكل المقاييس، وانتهى الأمر بأبو حاتم الى بيع بيته والاستثمار في الانفاق بمبلغ 55 الف دولار، على ان يبقى ثمن البيت بمثابة «وديعة» لدى التاجر، حيث بلغ متوسط ارباحه الشهرية من «تجارة الانفاق» هذه نحو 1500 دولار شهرياً.
وما لم يكن أبو حاتم يعرفه، ان الكثير من التجار يعملون وكلاء لأصحاب الانفاق والمهربين، لجمع الأموال من الراغبين في الاستثمار. وهكذا، يقول مراسل الصحيفة من غزة «صالح النعامي»، «وقعت في ايدي عددٍ محدود من التجار عشرات الملايين من الدولارات، يقدرها البعض بنحو 70 مليون دولار. لكن سرعان ما حلت الصدمة بالمستثمرين، عندما شنت اسرائيل في أواخر ديسمبر 2008 حربها الشرسة على القطاع، وتم استهداف الانفاق بشكل واسع. وادرك المستثمرون، وضمنهم «أبو حاتم»، ان احلامه لم تكن الا قصوراً في الهواء.
وجاء في التقرير كذلك ان اسرائيل اضطرت بعد الاعتداء على «اسطول الحرية» الذي راح ضحيته 9 من المتضامنين الاتراك، تحت طائلة الضغط الدولي، الى فتح المعابر التجارية مع غزة والسماح بدخول معظم البضائع والسلع الاستهلاكية التي كانت تمر عبر الانفاق، فتراجع الطلب على البضائع المهربة الى حد الصفر، وكانت النتيجة اغلاق الكثير من الانفاق، وقدر الكاتب عددها بـ 300 من اصل 1300 نفق، معظمها يعمل في مجال تهريب الوقود ومواد البناء. وطالب المستثمرون تجار الانفاق باعادة أموالهم، لكن محاولاتهم باءت بالفشل.
ولجأ المستثمرون الى الحكومة المقالة في غزة، برئاسة «اسماعيل هنية» التي شكلت لجنة في محاولة لانصاف الناس وارجاع المستحقات لأصحابها، مع الأخذ بعين الاعتبار خسائر التجار ايضاً، ونجحت حتى عام 2010 في تحصيل نحو %16 من الأموال وتوزيعها على المستثمرين.
ماذا فعلت حماس بهذه الانفاق بعد «الربيع العربي»؟ وبعد صعود الاخوان في مصر ثم تراجع نفوذهم؟ ماذا كانت تفعل بها قبيل الضربة الاسرائيلية، تابعوا الموضوع بأنفسكم!

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك