دواعش غزة والموصل!.. بقلم صالح الشايجي

زاوية الكتاب

كتب 2835 مشاهدات 0


الأنباء

بلا قناع  /  إما موتاً أو تهجيراً

صالح الشايجي

 

أوزع بين «غزة» و«الموصل» أحزاني وهموما ثقالا جاثمة على صدري.

في «غزة» الفلسطينية ناس قدرها أن تموت موزعة العظام مبعثرة الأشلاء، لأن قاتلها لا يراها ولكن حاصدة الأرواح التي أطلقها هي التي تراها.

في «غزة» الفلسطينية، موت يفوق قدرة الانسان على متابعة تفاصيله.

وفي «الموصل» العراقية حياة أبشع من ذلك الموت «الغزاوي»!

أهل الأرض في الموصل وبناتها ومعمروها وزارعوها والمترممة عظام أجدادهم منذ ألفي عام تحت ترابها، يأتيهم غاز غريب اللسان والجنان ويجلوهم منها، لأنهم مسيحيون مؤمنون بالله قبل إيمان الغازي به.

وليته كان إجلاء كريما، وحشيا كان ذاك الاجلاء وهمجيا، لم يحفظ كرامة المعتدى عليهم، تركهم في العراء راجلين يهيمون على أوجههم في صحراء مهمه جرداء خاوية، جياعا عطاشى، بعدما جردهم من كل ما يحملون، سوى الثياب التي تستر أجسادهم.

نساء وأطفال وشبان وشيوخ، حتى المقعدون منهم ألقوهم من فوق كراسيهم الطبية المتحركة، ليحملهم أهلهم المنهكون فوق ظهورهم الواهنة المتعبة!

وكل ذنبهم أنهم مسيحيون أتباع ثاني أنبياء الله.

صورة بالغة البشاعة والسوء، لم تمر قط في تاريخ البشرية منذ وطئت أقدام آدم القديم وحواء القديمة سطح هذا الكوكب المبتلى.

كأنما صرنا في عالمنا الحزين هذا نتبارى في معرفة من هو الأسوأ وما هو الأسوأ، ما يجري في «غزة» أو ما جرى في «الموصل»، «دواعش غزة» أم «دواعش الموصل»!

أي إنسانية ننتمي إليها وسميت باسمنا، ينتمي إليها أولئك الخالصة قلوبهم من كل حس وشعور!

قتل هناك وتهجير مذل هنا، حتى بتنا نتابع الأسى ونتلو الأحزان فوق الأحزان ونكدسها في صفحات مخطوطة مصورة، لتقرأها أجيال سوف تأتي بعدنا لتعرف كم من الظلم عشناه وعايشناه نحن أحياء هذا الزمن المر!

ويثير ريبتنا ويزيدها ريبة، صمت العالم عن مهجري «الموصل» حتى كدنا نشك وربما نحن موقنون بأن ما يجري في غزة ما جاء الا تغطية لما جرى في الموصل ولتركيز أنظار الناس في العالم على ما يجري في «غزة» وصرفها عما يجري في «الموصل».

هناك «دواعش» من غير عرقنا وديننا وملتنا، تتكفل بأهل «غزة»، وهنا «دواعشنا» من عرقنا وديننا وملتنا، تتكفل بنا، إما موتا أو تهجيرا!

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك