كان يجب على مؤسسة التأمينات ألا تتساهل مع الموظفين المضربين.. برأي حسن كرم

زاوية الكتاب

كتب 786 مشاهدات 0


الوطن

هناك خلط عجيب وفهم خاطئ لطبيعة العمل في كل قطاع

حسن علي كرم

 

أخيرا بعد شهرين من الانقطاع عن العمل عاد موظفو مؤسسة التأمينات الى قواعدهم بعد التوصل الى ما يسمى الحل التوافقي بين المؤسسة وموظفيها المضربين وبانتظار ما سيتمخض عن ذلك الحل التوافقي والذي ضُرب له موعد في اكتوبر المقبل نقول الى حين ذاك اللي بالجدر يطلعه الملاس.
أَنْ ينقطع الموظف عن العمل شهرين فهذا بحكم القانون يعتبر مفصولا عن العمل، الا ان ذلك لن يحدث للموظفين المضربين لأن المؤسسة كما يبدو لا تريد ان تزيد الطين بلة، على الرغم من أن المفروض محاسبة المؤسسة التي لم تتخذ الاجراءات القانونية بحق المتغيبين أو المنقطعين عن العمل..!!
في كل بلدان العالم الديموقراطية وغير الديموقراطية اذا اضرب العاملون عن العمل لا يكون الاضراب شاملا وانما يظل جزئيا حتى لا يتضرر سير العمل في المؤسسة أو يتضرر ذوو العلاقة بها، ويتم الاضراب خصما من معاشات المضربين على قدر ساعات الاضراب أو فترة الاضراب يوم.. يومان.. اسبوع.. الخ. بمعنى ان المضربين يضربون على حسابهم لا من كيس الحكومة.. الا ان هنا في الكويت كل شيء غير، فالموظف يضرب عن العمل أو ينقطع عن الدوام أو ينام في بيته أو ربما يسافر أو يقضي ساعات الدوام في مقهى مع ربعه يظل معاشه ماشي وكأن شيئا لم يكن يأخذ معاشه بالفلس والدينار بالتمام والكمال مثله مثل الموظف الملتزم المثابر..!!
قرأت الكثير من المقالات التي كتبها بعض الزملاء سواء عبر الصحافة الورقية أو الالكترونية عن اضراب التأمينات وكانت مواقف الكثير منهم متعاطفة أو مؤيدة للمضربين داعية الى تحقيق مطالب موظفي المؤسسة، فيما قليلون كانوا مع الخيل يا شقرا على طريقة شاهد ما شافش حاجة، وانا هنا لا اريد ان ازعم ان المدافعين عن المضربين كانت دوافعهم مصلحية كأن يكون لهم ابناء أو اصدقاء أو اقرباء من موظفي المؤسسة المضربين، الا ان الدفاع عندما لا يكون على حق، فأنت ليس امامك الا الشك بالمقاصد.
مطالبات موظفي المؤسسة بمساواة رواتبهم برواتب موظفي البنك المركزي تحتاج الى فهم، فهل طبيعة العمل في مؤسسة التأمينات هي عينها طبيعة العمل في البنك المركزي وهي عينها في بقية البنوك والمؤسسات المالية..؟!!
هناك خلط عجيب وفهم خاطئ لطبيعة العمل في كل قطاع، فأنت لا تستطيع ان تساوي طبيعة العمل في القطاع النفطي ببقية موظفي الدولة الاداريين أو تساوي مهنة التدريس أو المؤسسات العسكرية والاطفاء بالوظائف الادارية، فالموظف في مؤسسات الدولة الكويتية تتدنى انتاجيته الى بضع دقائق واحسنها الى نصف ساعة في اليوم الواحد بينما يخضع العسكريون ورجال الاطفاء والعاملون في القطاع النفطي والتدريس والصحة الى طبيعة مهنية ووظيفية مختلفة، فهل يجوز تصنيف هذا مع ذاك؟. هل يجوز مساواة المهن المصنفة بالشاقة والخطرة مع الموظف الاداري الذي لا يبذل مجهودا كبيرا ولا يتعرض للمخاطر والمشاق الوظيفية..؟!!
لذلك فإذا كانت الحكومة وبالتعاون مع مجلس الامة بصدد وضع استراتيجية جديدة لتوحيد الرواتب فلا ينبغي ان يغيب عن واضعي الاستراتيجية طبيعة كل مهنة، وما تقدم كل مهنة من انتاجية.
ما نفهمه ونرجو ألا نكون مخطئين ان مؤسسة التأمينات وهي المعنية بمعاشات المتقاعدين شبه مستقلة عن الادارة الحكومية، ولعل المطلوب فصل هذه المؤسسة كليا عن الادارة الحكومية واعتبارها قطاعا خاصا وهذا ما يمكنها من العمل بمرونة بعيدا عن الروتين والبيروقراطية الحكومية، لذلك نقول: كان على المؤسسة ألا تتساهل مع الموظفين المضربين والمنقطعين عن العمل وكان عليها ان تتخذ الاجراءات القانونية بحقهم.. فالتهاون لا يفضي الا الى المزيد من الفوضى وتدمير المؤسسة.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك