الخطر على الكويت لم يزل بزوال صدام ونظامه.. هذا ما يراه وليد الرجيب

زاوية الكتاب

كتب 1433 مشاهدات 0


الراي

أصبوحة  /  الذكرى الأليمة

وليد الرجيب

 

تمر اليوم الثاني من أغسطس الذكرى الرابعة والعشرون على أبشع جريمة وكارثة في تاريخ الكويت، وهي ذكرى الغزو الذي ارتكبه نظام البعث العراقي على وطننا الحبيب واحتلال شكّل أبشع تجربة مرت على الشعب الكويتي واستمرت سبعة أشهر، قُتل فيها أبناؤنا وبناتنا واُعتقل وعذّب المئات منهم، وما زال الكثيرون منهم أسرى ومفقودين لم يكشف عن مصيرهم حتى اللحظة، وقد يكونون في مقابر جماعية كما تبين من فحص بعض الرفات التي تم العثور عليها.

وقف معنا الكثير من الشعوب العربية والعالمية والقوى السياسية، وشمت بنا الحاقدون والحاسدون والواهمون، الذين أوهمهم الطاغية صدام حسين بأن الكويت كانت تسرق النفط العراقي وهي التي قدمت له المليارات أثناء حربه العدوانية على إيران، وبمساعدة لوجستية من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، كما استغل الشعور القومي لدى بعض الشعوب بادعائه أنه كان يلبي نداء الشعب الكويتي والمعارضة الواسعة التي خرجت في دواوين الاثنين، وادّعى بأن احتلاله للكويت هو تحقيق للوحدة العربية، وأن تحرير فلسطين يمر عبر الكويت.

هذا الفعل الإجرامي البشع لم يكن إلّا طمعاً بثروات الوطن وخيراته، ووعد بعض الحكام العرب بحصص من البترول الذي ينوي الاستيلاء عليه، لكنه في واقع الحال سرق المنازل والبنوك والمؤسسات والطائرات والممتلكات الشخصية للأفراد، وفي سبيل تحقيق هذا الفعل البشع نكّل بأبناء وبنات الكويت كما كان يفعل بشعبه طوال ثلاثين عاماً من حكمه المستبد، خصوصا أنه لم يجد كويتياً واحداً يتعاون معه.

وسطّر الكويتيون من كل الطوائف والمكونات الاجتماعية ملاحم بطولية لمقاومة الاحتلال الغاشم، فقاموا بأكبر عملية عصيان مدني ورفض التعامل والتعاطي مع العملة العراقية، ورفضوا الذهاب إلى أعمالهم، فيما عدا من كان يعمل بمحطات الكهرباء وتحلية المياه، إضافة إلى تشكيل فرق المقاومة المسلحة والمدنية وتقديم المساعدات للأسر الصامدة على أرض الوطن، وعمل الشبان والشابات في أعمال النظافة وفي المخابز، رغم الاعتقاد السائد بأن شباب الكويت مُترفون وكسالى.

وكتب التاريخ أسماء كويتيين وكويتيات بأحرف من نور، لاستشهادهم دفاعاً عن الوطن تحت التعذيب وعن طريق الإعدامات في الشوارع أو أمام أهلهم، وذُهل العالم كيف صمد من تبقى من الشعب الكويتي الصغير نسبة إلى عدد الجيش العراقي وكيف واجه الاحتلال ببسالة نادرة.

وكما فعل التتار في الماضي البعيد وتفعل «داعش» هذه الأيام، فقد استهدف المحتل الباغي الثقافة والمؤسسات الثقافية في الكويت، فحرق مكتبة الجامعة ونهب مقتنيات المتاحف وكل ما يرمز أو يمت للثقافة.

وقد ظن صدام حسين أن الظروف مواتية لفعلته الإجرامية، من منطلق المشهد السياسي في ذلك الحين، واعتقد واهما أن معظم الكويتيين سيقفون مع الاحتلال، ولكن الشعب بمعارضيه وقف مع السلطة الشرعية التي وعدتهم في مؤتمر جدة بعودة العمل بالدستور وعودة الحياة الديموقراطية، لكنها للأسف لم تنفذ وعودها بعد التحرير سوى لبضع سنوات.

وما أشبه اليوم بالأمس، فهناك انقلاب غير مُعلن على دستور البلاد، وتلاعب بالدوائر الانتخابية، بل أسوأ من ذلك، إذ أصبحت السرقات وعمليات الفساد والإفساد ورشاوى بعض النواب وبعض كبار الموظفين بالمليارات، وظلت مشاريع التنمية معطلة وتهتّكت البنية التحتية وتردت الخدمات جميعها، وللمرة الأولى في تاريخ الكويت يبلغ عدد المعتقلين والمحاكمين من الناشطين السياسيين بالمئات، بل وُجه العقاب للمطالبين بالإصلاح السياسي والديموقراطي، في أسوأ إجراء مر على الكويت، من خلال سحب الجنسيات والتهديد بهذه الأداة العقابية المخالفة لكل شرع أو قانون دولي.

فالخطر على الكويت لم يزل بزوال صدام ونظامه، بل ظل ماثلاً بصورة قد تهدد أمن الوطن والمواطنين، ولم يعد الشعب ينعم بتلك الوحدة بين مكوناته، بعد أن أجج الفاسدون التعصب الطائفي والقبلي والفئوي، ونرجو أن نتعلم جميعاً من درس الغزو والاحتلال، إذ لا ضمانة أن العالم والدول الكبرى ستقف مرة أخرى مع الشعب الكويتي.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك