الشحن الديني أنتج التطرف!.. هذا ما يراه صالح الشايجي

زاوية الكتاب

كتب 494 مشاهدات 0


الأنباء

بلا قناع  /  الشحن الديني

صالح الشايجي

 

الغلوّ هو باب كبير للشرور.

والغلوّ ينتج عن التكرار والمبالغة في التأكيد.

وما لم تتنبه إليه الحكومات العربية والإسلامية، أو ربما هي منتبهة إليه وتتعمده ولكنها لم تدرك خطورته ولم تدرس نتائجه المحتملة، هو الشحن الديني، حيث سخّرت الحكومات العربية أجهزة إعلامها للخطاب الديني، وذلك أمر ليس بمستنكر ولا بمستكثر لو أنه ظل محافظا على هدوئه ورزانته وإظهار الجوانب المشرقة في الدين الإسلامي واقتصاره على إرشاد المسلمين الى ما يتعين عليهم فعله من أوجه الخير ونشر المحبة والسلام بينهم وبين شركائهم في الأرض، وهذا ما كان سائدا ومعمولا به، حيث اقتصر الخطاب الديني على الإرشاد ومساعدة الناس في معرفة شؤون دينهم وربطها بشؤون دنياهم.

ولكن ـ ومع الأسف ـ فإن هذا الخطاب الرزين والهادئ لم يستمر ولا استمر معه رواده من المحدثين الدينيين الهادئين الذين بدأوا بالانزواء ليحل بديلا عنهم وعن خطابهم النافع، محدثون عنيفون في خطابهم وعلو أصواتهم وحدة نبراتهم وغلظة قلوبهم وبخطاب متشدد حامل للكراهية وحاض على العنف، مروجين لكثير مما تحمله بعض الكتب الصفراء من خرافات ألصقت بالدين، غير واعين أن هذه الكتب لم تخضع للفحص والتدقيق وأن الشك يطوقها من كل جانب وأنها لا تصلح للخطاب العام.

ولطالما حذّر الكثيرون من أن الخطاب الديني لا يصلح بثه للعامة لأن الناس ليسوا كلهم على سوية واحدة في الفهم والإدراك والقدرة على التمييز أو التأثر بما يسمعون، فقد تسمع فئة من الناس من محدودي القدرات، أحد هؤلاء المشايخ أو المحدثين الدينيين وهو يحدث بأمر من الأمور فيه غلو وتطرف، فيعتنق أفراد هذه الفئة ما ورد في هذا الخطاب ويجعلونه منهجا لهم، لأن قدراتهم على الاستيعاب والتمييز تقف عند السمع المباشر والفهم المباشر كما وصل اليهم من ذلك المحدث، ولا يملكون القدرة على البحث في المصادر ولا على المقارنة بين ما جاء في هذا الخطاب وبين ما هو موجود في كتب أو مصادر أخرى ربما تدحض كل ما حمله ذلك الخطاب.

هذا الواقع، مع الأسف، هو الذي أنتج هذا التطرف الموجود الآن باسم الدين والذي اتخذ أشكالا لا يمكن أن تتصورها النفس البشرية، وما على الحكومات العربية والإسلامية إلا تجفيف منابع التطرف من خلال تخفيف الشحنة الدينية في نفوس الناس.

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك