تفائلوا فحتى دموع التماسيح برأي دلال الردعان 'مفيدة'

زاوية الكتاب

كتب 2069 مشاهدات 0

د. دلال عبدالهادي الردعان

تفائلوا..فحتى دموع التماسيح مفيدة.
ماهي حقيقة دموع التماسيح؟ هل تبكي التماسيح فعلاً؟.من أغرب الحقائق والاكتشافات أن التماسيح تبكي وتذرف دموعا حقيقية.. إذ تبكي التماسيح عند التهامها فريستها والغاية من ذلك تنقية العيون لأنه لدى التماسيح ثلاثة جفون قد تؤدي لجفاف العين إذا لم ترطب بالدموع فالدموع مرطبة للعيون وتحتوي على بروتينات ومكونات أخرى تحافظ على صحة العيون.. وإن كانت الحيوانات تذرف الدموع فإنه من المتعارف أن البكاء خاصية الانسان.. . فلماذا نبكي نحن البشر؟ ارتبط غالباً بالضعف سواء كان هذا الضعف مرضًا أو وفاة عزيزاَ أو المرور بأزمة فالبكاء ظاهرة انسانية نفسية للتعبير عن الانفعالات الغاضبة والمبتهجة والبكاء في الأصل استغاثة.

وفي نظر علماء النفس فالبكاء له وظيفة فإذا انقطعت صلة البكاء بوظيفته انقطع البكاء والغرض من البكاء تحريك الآخرين فإذا كان الآخرون غير موجودين فإن البكاء يفقد وظيفته.. فالصغير حينما يبكي فهو يريد بهذا البكاء أن يحرك فى الأم كل عواطف الأمومة لتهرع لحمايته وتوفير الأمن.. والإنسان عندما يبكى فإنه يعبر عن ضعفه واحتياجه إلى الأمان والراحة فلا يجد غير الدموع تنفيسًا عما يعانيه من ألم نفسى وضغوط عصبية لذلك وضع قدماء المصريين تقاليد الجنائز عند الوفاة حيث يجتمع الناس ويبكون ويستبكون ويحمس بعضهم بعضًا فقريب المتوفى مثلا ً لا يكون متأثرًا وحزينًا دون أن يبكى عادة وهو بمفرده  فإذا ألتقى مع قريب آخر أو صديق فيبكي الاثنان معاً وبذلك تكون الجنائز فرصة لتفريغ شحنات انفعالية عند الكثيرين ولازال بعضًا من ذلك سائدًا فى كثير من المجتمعات العربية حتى الآن.

ولكن ماذا عن بكاء المرأة؟..  علمياً فإن المرأة أكثر بكاء من الرجل فالمرأة تبكي خمس أضعاف المرات التي قد يبكي فيها الرجال وذلك لأن النساء عندهن قابلية ذرف الدموع بيولوجيا أكثر من الرجال نظراً لزيادة عدد وإفرازات الغدد الدمعية لديهن فالمرأةعندما تبكى فإنها ترتاح بدموعها كون هذه الدموع تخفف توترها النفسي أما الرجل فإنه لا يعرف كيف يبكى فالتربية الشرقية تزرع بداخله منذ الطفولة أن الدموع للنساء ضعف وعيب  لذا فإنك ترى الرجل يغلى من الداخل تمامًا كإناء يغلى ويتبخر ويحتبس بخاره بداخله أما الغليان داخل المرأة فيتحول إلى قطرات دموع تنفس بها عما بداخلها من غليان لذلك تنفجر المرأة بالدموع ولكن الرجل ينفجر فقط .. وقد يقضي الرجل من حبس انفعالاته ودموعه..ولا تموت المرأة من عشرات الهموم التي تعايشها وتحملها في قلبها لأنها تبكى فتريح أعصابها أولاً بأول ويقول بعض الفلاسفة أن المرأة أطول عمرًا وأصح لأنها أكثر بكاء وأغزر دمعًا من الرجل الذي اعتاد وتربى على أن لا يبكي. وعند علماء النفس يعد البكاء أداة للتفريغ الانفعالي(Emotional Release) للشحنات والمشاعر السلبية لدى الشخص المهموم وهو الخطوة الأولى في المعالجة النفسية أثناء الجلسة العلاجية.. فهو يخفف التوتر ويريح العميل المراجع ويفتح مداركه لإدراك مشكلته والاستبصار بذاته وامكانياته التي قد قد لا يقوى على ادراكها وهو في زحمة المشاعر الحزينة المكتئبة..إن غرس مبدأ أن البكاء من صفات النساء والأطفال لا من صفات الرجال في الطفل تجعله ينشا متعودًا أن يكبت مشاعره عند حاجته الماسة للبكاء والتنفيس وهذا يسبب له الضيق الشديد والتأزم النفسي. ليست هذه دعوة للرجال للعويل والبكاء .. ولكنها تحية لذكاء الإناث لاكتشافهن السلاح الذي يريح أعصابهن ويخفف من توترهن بل واحياناً يحقق مآربهن ويطيل أعمارهن ' ومن له حيلة فليحتال'  لأن المرأة تكوين إنساني ضعيف ومقيد الحرية في الغالب لا يجد المتنفس الواقعي من قساوة الظروف والقيود والتعبير عن الحزن.. فالدموع حتى لو كانت دوع التماسيح  فهي مفيدة  صحيا. ونفسياً..وللرجال..فهي دعوة للتنفيس الانفعالي بالبكاء حتى لو في حجر مغلقة بعيداً عن أنظار الناس وفي مأمن من الوسم بوصمة العار ..أزيحوا الضيق عن نفوسكم بالبكاء..فحتى البكاء من خشية الخالق فيها راحة وأمان نفسي واطمئنان.. لا يدركها سوى من افترش السجادة ليحكي لربه مشاعره المكبوتة وأمنياته البعيدة ووجد السجدات وطناً للتنفيس ...مستحيل يخذله..

الآن - رأي الدكتورة / دلال عبدالهادي الردعان

تعليقات

اكتب تعليقك