'داعش' فكرة شيطانية نبتت في حديقة المسلمين الخلفية!.. برأي فهيد البصيري

زاوية الكتاب

كتب 1147 مشاهدات 0


الراي

حديث الأيام  /  خطأ مصنعي في 'داعش'!

د. فهيد البصيري

 

أعطني وزارة التربية واحصل على عشرة «دواعش» في كل فصل!

لا تذهبوا بعيدا في تحليلاتكم وتغركم في الدنيا الغرور (فالدواعش) ليسوا حكرا على السنة ولا حتى على المسلمين، فالفكر الداعشي قديم، وسيعيش ما عاش أحفاد هابيل على الأرض، فالخوارج كانوا على شاكلة «الدواعش»، ثم جاء بعدهم الحشاشون وهم شيعة، وكانوا سادة الداعشية في عصرهم، ثم ثارت الداعشية بين الصليبيين، وصاروا «دواعش» على بعضهم حتى تاب الله عليهم بعد قرون من القتل والحرق، ثم تسلمت الأحزاب السياسية كالنازية والشيوعية والقومية الخيط (وهات يا قتل وهات يا دعش) حتى (دهشوا العالم ودعشوه) وللأمانة التاريخية فإن الحسنة الوحيدة لهذه الأحزاب أنها طورت أدوات التعذيب حتى كاد المُعذب أن يكون رسولا!

وكان العامل المشترك بين هذه الأحزاب أو الفرق الدينية، أنها مؤمنة إيماناً عميقاً بصواب منهجها! وتعتقد أن وحشيتها الطريقة الوحيدة والأكيدة التي تخدم قضيتها، ومستعدة لقتل من يسمح بقبول الرأي الآخر أو الاستماع له! ولسبب بسيط و(عبيط) أنها تظن نفسها الأصح والأصلح على كوكب الأرض! ولا يوجد فرق يذكر بين تلك الجماعات والأحزاب، اللهم إلا أن دواعشنا يحظون بتغطية إعلامية رائعة وتسليح مريع.

وعموما المهم ليس من يدعم «داعش»، فالدعم متوفر، والأخيار يسبقون الأشرار إلى جهنم بسذاجتهم، ولكن الأهم من خلق هؤلاء من العدم، فهم ليسوا مخلوقات فضائية بل بشر ومسلمون، والإجابة عن هذا السؤال قد تحتاج إلى شجاعة أو كرسي كهربائي لطيف لزوم الاعتراف الرومانسي.

وسأكفيكم محنة الاعتراف، فـ«داعش» ليسوا سوى فكرة شيطانية نبتت في حديقة المسلمين الخلفية، ونحن المسلمين من جندهم ودفعهم للقتال، وليست هناك مؤامرة من الغرب ولا تواطؤ من الشرق، فهم ينطلقون من القاعدة التي ننطلق منها، ويرددون حججنا، ويتلون قرآننا، ويتحدثون بحديث رسولنا الكريم، ويطبقون ما نتوق لرؤيته يطبق في بلادنا من حدود شريعتنا السماوية الغراء، ولذا لاقت دعوتهم صدى كبيرا لدى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

أما كيف حدث ذلك بهذه السهولة، فيجب أن نكون صادقين مع أنفسنا، فمناهجنا تدرس الفكر المتطرف، ذا الاتجاه الأوحد، والذي لا يقبل أن يرى (خلقة الآخر)، وبعض شيوخنا متشددون إلى درجة التبلد، ومساجدنا مفتوحة للجميع، حتى خرجت لنا «القاعدة»، و«النصرة»، و«داعش»، و«بوكوا حرام»، والجماعات المتطرفة في ليبيا، والحبل على الجرار، فنحن ولا فخر أكبر ماكينة تفريخ للإرهاب عرفها التاريخ وما زلنا! ومع تزايد القمع السياسي للشعوب العربية، لم يعد لشباب المسلمين أمل في الحياة الدنيا، فتركوها وراحوا يطلبون الأخرة! حتى لو جاءت على أشلاء الأبرياء.

والمشكلة ليست سهلة، ولا يمكن حلها في يوم وليلة، ويجب أن نضحي بالأجيال الحالية والتي جاء فيها خطأ مصنعي، ونبدأ من الصفر أي مــــن الروضة، ولكي نقضي على أي فكر متطرف، يجب أن نقضي أولا على التطرف السياسي الذي نمارسه نحن بمهارة، ويجب أن نؤمن بالخيار الديمقراطي كحل سياسي لمشاكلنا اليومية، حتى نزرع ثقافة قبول الفكر الآخر والتعايش معه، والأهم من هذا كله ألا نعتمد على الحكومات المتسلطة في حل هذا الموضوع، لأنها شريك في تكريس التطرف، ولأنها لا تستطيع الاستغناء عن سلاح الدين في سيطرتها على شعوبها!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك