من لا تنهاه ذاته عن الفعل القبيح فلن يجدي معه أي قانون!.. هكذا تعتقد نادية القناعي

زاوية الكتاب

كتب 820 مشاهدات 0


القبس

في غياب القانون!

د. نادية القناعي

 

 هل القانون الصارم هو الرادع الأساسي لأن يجتنب الناس الأمور الخارجة عن المستوى اللائق بالبشر؟!

أتساءل أحياناً: هل القوانين تحكم سلوك الإنسان، أم أن العمق الأخلاقي هو الذي يحكمه، بغض النظر عن المعتقد؟!

نحن إذا سافرنا إلى بلدان أخرى ترانا ملتزمين لأبعد الحدود، فلا تراودنا أنفسنا أن نلقي حتى قصاصة من الورق في الطرقات، أما هنا فنجدنا نتصرف وكأننا ملكنا الأرض وما عليها!

حتى بالنسبة إلى قوانين المرور لا نتجرأ على تجاوزها في الخارج، أما هنا فنخترقها من دون أدنى إحساس بالمسؤولية!

فهل القانون الصارم هو الرادع الأساسي لأن يجتنب الناس الأمور الخارجة عن المستوى اللائق بالبشر؟

دائماً أقول إذا كان التصرف أو السلوك غير نابع عن سبق قناعة ورؤية داخلية للتصرف في إطار منظومة المبادئ التي يتبناها البشر حتماً فسنجدهم كالآلات يتصرفون كالرجل الآلي، فإن تهاوى القانون - ولو بشكل بسيط - يسقطون في أفعال مخالفة، فالمسألة متعلقة بالأعماق وبإرادة الشخص، وغير متعلقة البتة بأي مؤثرات خارجية.

بمعنى أن من لا تزجره ذاته عن الفعل القبيح فلن يجدي معه أي قانون على وجه الكرة الأرضية! فالقوانين وجدت لمن فقدوا إرادتهم ولمن باعوا مبادئهم، أما من لا يزال يحتفظ بالروح الأخلاقية فلا أعتقد أنه بحاجة إلى قوانين وضعية لصرفه عما يخالف الإنسانية.

فمثلاً في هونغ كونغ، هناك غرامة لمن يضبط متلبساً وهو يبصق في الطريق، لكن هذا الشخص الذي نأى عن هذا التصرف لوجود قانون ربما يقدم على الفعل إن كان الطريق خالياً، والعكس صحيح فإن كان هناك شخص له رادع من نفسه من غير وجود قانون فبالتأكيد لن يقدم على هذا التصرف المشين، وإن أظلمت الطرقات.

الأرواح التي تجعل من نفسها قاضياً لم تُعرف فقط في العصور الحديثة، فحتى الشعوب البدائية قبل الميلاد، قبل ظهور المحاكم والقضاة، خلقت لنفسها ما يناسب إنسانيتها. فالمسألة إذاً متعلقة بالشخص نفسه.

إذاً، قل لي كيف تتصرّف في غياب القانون، أقل لك من أنت.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك