مو حرام على المعلم الأعمال الممتازة - بقلم عبدالرحمن الجاسر

زاوية الكتاب

كتب 3799 مشاهدات 0


قرأت مقالا للدكتورة بهيجة بهبهاني نشر في صحيفة القبس بتاريخ ٢٠١٤/٨/٢٧م بعنوان ' يا تربية .. حرام ٥٨ مليون دينار أعمال ممتازة ! ' تتساءل فيه عن سبب تحديد هذا المبلغ الضخم رغم أن المعلم يتسلم راتبا يتجاوز ٢٠٠٠ دينار شهريا -كما ذكرت- وترى أنه من الحرام صرف هذه الملايين دون بذل المعلمين لجهود ترتقي بأدائهم ، ومن الأنفع صرف هذه الأموال في وجوه صرف أفضل -كما زعمت- مثل تزويد المدارس بالمكيفات وأجهزة الحاسوب لكل طالب .

استنكرت كغيري من المعلمين والمعلمات أن يصدر هذا الكلام من (معلمة) ، فهي وإن كانت حاصلة على شهادات عليا إلا أن الرسالة واحدة والهم واحد ! فالدكتورة بهيجة تعمل كأستاذة في كلية التربية الأساسية ويفترض أنها من أكثر الناس التصاقا بالميدان ومعرفة معاناته وهمومه ، وفي هذا المقال أريد أن أوضح بعض النقاط ردا على رأي د. بهيجة ، وإحقاقا للحق، واعترافا بالفضل ، وتقديرا لدور المعلمين والمعلمات .

- تناقض وجدته في طرح د. بهيجة ، فبينما تستكثر في هذه المقالة على المعلم الراتب والأعمال الممتازة ، وتنتقص من جهوده ، لها مقال آخر منشور في صحيفة القبس بتاريخ ٢٠١١/٧/٦م بعنوان ' المعلم بوصلة الأمة .. رغما عنكم ' استنكرت فيه سقوط كادر المعلمين في إحدى جلسات مجلس الأمة ، واستذكرت فيه الأعباء والأدوار التي يقدمها المعلم ! تقول في جزء منه : ' إن كادر المعلم لا بد أن يقر رغما عن بعض نواب البرلمان ، وعلى النواب زيارة معلم واحد في الفصول الدراسية التي يقوم بتدريسها يوما واحدا لمعرفة الأعباء الثقيلة الملقاة على عاتقه ، وبالتأكيد ستتم الموافقة على الكادر بالإجماع ! ' انتهى كلام الدكتورة . أحب أن أذكر د. بهيجة أن الراتب الذي تستكثره على المعلم ، ومكافأة الأعمال الممتازة التي ترى أنها غير مستحقة في مقالها الأخير تم إقرارهما ضمن بنود الكادر التي كانت تطالب بإقراره مشكورة !

أمر مستغرب استخدام د. بهيجة -وهي صاحبة المؤلفات والبحوث المنشورة- لأسلوب التعميم في حكمها على المعلمين والمعلمات ، وهي -كما يفترض- تعلم تماما أن هذا الأسلوب يناقض العلمية والحيادية في الحكم والطرح ! فإن كانت تجهل إنجازات وعطاءات المعلمين فإني أوجه لها نفس الدعوة التي وجهتها لأعضاء البرلمان بأن تقوم بزيارة لأي مدرسة تشاء ، لتتعرف على إنجازات المعلمين ، أو إن أرادت فلتسترجع أسماء الحاصلين على الجوائز التقديرية من الدولة ، أو من المسابقات والجوائز الخليجية ، لترى أسماء المعلمين الكويتيين على رأس الفائزين بها كل عام.

ذكرت د. بهيجة أن المعلم الكويتي يتسلم راتبا يتجاوز ٢٠٠٠ دينار ، وهذا الكلام غير صحيح ، فالمعلم يستلم في أول عام له ٩٥٦ دينارا ، وعندما يصل لأعلى مستوى وظيفي (معلم متخصص أ) بعد ١٧ عاما يستلم أقل من ٢٠٠٠ دينار بقليل (في حال عدم استلامه لوظيفة إشرافية) ، ثم لماذا هذا الاستكثار على المعلم ؟ ولماذا لا تكون مطالبة د. بهيجة بالزيادة في سبيل راحة المعلم ، وتوفير الرضا الوظيفي له ، وتفريغه من الأعباء الإدارية حتى يتسنى له أداء مهمته بالشكل الأفضل ؟
تطرقت د. بهيجة بأن هذا المبلغ تم صرفه من المال العام ، وأن من حق المواطن أن يتساءل عن سبب تحديد هذا المبلغ ، أليس من الأولى يا دكتورة أن نتساءل عن المال العام المهدور في المناقصات الحكومية ؟ والمشاريع الوهمية والمتأخرة ؟ والتنفيع والهدر في مختلف قطاعات الدولة ؟ أم أننا نرى بعين واحدة فقط ؟!

التساؤل الأهم الذي يدور في ذهني : لماذا الأعمال الممتازة للمعلمين فقط ؟ لماذا لم تتطرق الدكتورة للأعمال الممتازة لأساتذة التعليم التطبيقي حيث تعمل مثلا ؟ أو أعضاء هيئة التدريس بالجامعة ؟ أو بقية قطاعات الدولة ؟ وتقارن بين ما يحصلون عليه مع ما يحصل عليه المعلم ، والشروط المطبقة على الموظفين في مختلف القطاعات مع الجهود المبذولة ؟ فالأعمال الممتازة حق لمن يستحقها حسب الشروط التي حددها ديوان الخدمة المدنية .

استشهدت د. بهيجة بالمعلم في اليابان حيث يعطى راتب وزير في مقابل أن يطور نفسه وقدراته ، لكنها تناست أن تكمل المقولة حيث أن المعلم في اليابان ' يعطى راتب وزير ، وحصانة سفير ' فلا يتجرأ أحد أن يقلل من مكانته ، أو يستهين بدوره ، أو ينتقص من جهوده ، وهذا ما نعاني منه -للأسف- في بلادنا حتى أصبح المعلم (الطوفة الهبيطة) التي يتجرأ عليها الجميع بغض النظر عن سنه أو ثقافته أو تعليمه !

أوافق د. بهيجة في مطالبتها بإعادة النظر في رواتب الإداريين في المدارس كونهم يبذلون جهودا لا تخفى على أحد ، أما ما ذكرته بخصوص توجيه قيمة الأعمال الممتازة للإداريين بدلا من المعلمين فأحب أن أخبرها بأن الإداري الجامعي يستلم ٨٠٠ دينار كمكافأة أعمال ممتازة بينما المعلم تتراوح قيمة مكافأة أعماله الممتازة من ٥٠٠ دينار إلى ٩٥٠ دينارا حسب مستواه الوظيفي ، وهي فرصة أن أطالب بتوحيد الأعمال الممتازة لجميع المعلمين ومساواتهم بالإداريين حتى تتحقق العدالة التي نادت بها الدكتورة في المقال استنادا على الدستور !  كما أوافقها على مقترح تطبيق (رخصة المعلم) مما يساعد على الارتقاء بالعملية التعليمية في الكويت .

تمنيت من الدكتورة الفاضلة بهيجة بهبهاني أن تكون أكثر إنصافا في حكمها على المعلمين ، وألا تنكر فضلهم ومجهوداتهم ، وأن تعود كما كانت في مقالتها التي نشرتها عام ٢٠١١م ، فلا خير في أمة لا تقدر معلميها ، ولا تحفظ لهم مكانتهم ، ولا تستذكر أفضالهم ، ولا تنزلهم منازلهم .
والله من وراء القصد

الآن - رأي / عبدالرحمن عبدالله الجاسر

تعليقات

اكتب تعليقك