نسينا العيب وشطبناه من قاموسنا!.. حسن كرم مستنكراً

زاوية الكتاب

كتب 627 مشاهدات 0


الوطن

هؤلاء مخرجات المجتمع!

حسن علي كرم

 

قرأت الكثير من المقالات في صحفنا المحلية التي تناولت عن التصرفات الشاذة والغريبة عن طبائع أهل الكويت الاصلاء، والتي أتى بها بعض الفتية المراهقة والجامحة في بعض البلدان الاوروبية خلال صيف هذا العام والتي كانت محل الاستيلاء والضيق والشكوى من قبل اهل البلاد ومن قبل السياح الآخرين والمقيمين، وبخاصة في لندن وباريس والمانيا.
وقد ساعد افتضاح أمر هؤلاء الفتية المراهقة وتصرفاتها المستنكرة والمستهجنة ما نقلت وسائط التواصل الاجتماعي صورا وفيديوهات بعدسات كاميرات مهمتها الرصد والمتابعة وغايتها التصيد عن قصد وربما عبث وتسلية، ولكن في الاخير تبقى صورة ولقطات فضحت تصرفات وأعطت انطباعا غير سليم عن طبائع وأخلاق أهل الخليج عموما والكويت على الخصوص.
ذلك ان الصور واللقطات المنقولة خلطت ما بين فتيان كويتيين وآخرين خليجيين الامر الذي يتعذر الفرز ما بين هؤلاء واولئك بحكم اللهجة واللكنة والملابس.
وفي كل الاحوال البلدان الاوروبية مو ناقصين شغب، ففي السنوات الاخيرة تحولت شوارعها الى ما يشبه ساحة حرب من مراهقيها فالشغب القادم اليهم من الخليج ما هو الا اضافة لا دخيلا عليها ولكن الجديد والدخيل ان زاد الشيء عن حده فخرج عن المعتاد الى الشاذ وغير القانوني، كوقوف السيارات في اماكن ممنوع الوقوف، او التحرش بالفتيات واعاقة المارة وسد الطرق والرقص في الشوارع وهكذا..
باعتقادي هذه المسائل لا ينبغي ان نلوم او نحاسب عليها الشباب فيما هؤلاء الشباب جزء من المشكلة لا كل المشكلة، فالمشكلة اخلاقية اجتماعية تربوية وطنية.
مشكلتنا وعلتنا هنا وشبابنا حملوا عللنا ومشاكلنا وعيوبنا بأمراضها وعقدها الى هناك مع ما حملوا في حقائبهم من الملابس والامتعة فحملوا الاستهتار ايضا..!!.
أقول اذا تحاسبون. فحاسبوا الدولة وحاسبوا الحكومة وحاسبوا مناهج التعليم والتربية، وحاسبوا المدرسة والمسجد ورجال التربية ومشايخ الدين والبيت (الاب والام)، حاسبوا الشرطة والداخلية ورجال المرور والنجدة وشرطة الاسواق، كل هؤلاء مسؤولون مسؤولية تامة ومباشرة عما بدر ويبدر من شبابنا هنا او هناك في بلاد الغربة من تصرفات شائنة وشاذة لا تليق ولا هي من أخلاق اهل الخليج والكويت الاصلاء والعقلاء.
فالمدرسة التي يفترض ان تعلم الناشئة الاخلاق والتربية قد تخلت عن دورها، بل ان بعض المعلمين بحاجة الى التربية والاخلاق ففاقد الشيء لا يعطيه.
وبعض رجال الدين بدلا من ان يغرسوا في نفوس الشبيبة الدين الصحيح والاخلاق الرفيعة وحسن التعامل مع الغير، يحرضونهم على الاعتزال وبث الكراهية والفتنة ونبذ الآخر، حتى لو كان هذا الآخر جارا او زميلا او صديقا، واما رجال شرطتنا فلا نحتاج الى القول عن التهاون بضبط الشارع ورصد المخالفات المرورية بذريعة تدخلات النواب والواسطات، واما البيت فلم يعد الاب يمثل قدوة للابن والام قدوة للبنت، فلقد فقدا دورهما الرقابي والقيادي الابوي، وهكذا فان مجتمعنا في زحمة الترف والرفاهية، وفي عصر باتت الآلة الشيطانية وشبكات التواصل الالكترونية تتحكم في العقول (الكبار قبل الصغار) وتعزز ثقافات ومعلومات وعادات قد لا تكون مطابقة لموروث مجتمعنا الاخلاقي والديني فلقد باتت الآلة الشيطانية هذه محك القيادة والقدوة في مجتمعنا وفي ذواتنا وفي بيوتنا..!!.
لذا، فلا نبالغ اذا قلنا ان مجتمعنا لم يعد مثاليا وأخلاقيا بل كدنا ننسى أو نسينا كلمة (العيب) ونكاد نشطبها من قاموسنا الاخلاقي!!.
فلا تلومون الناشئة اذا سلكوا مسالك شائنة اذا كان هناك كبار من الآباء والامهات لا يتورعون عن عمل تلك المسالك، بل لعل اللوم يقع على الجميع دولة وحكومة وشعبا ومجتمعا مدرسة ومسجد ومؤسسات المجتمع المدني وجمعيات وروابط وساسة وسياسيين ومثقفين وصحافة واعلام، نحن جميعا مسؤولون ومدانون عن تراجع الاخلاق في المجتمع، ولعل الدولة بأجهزتها المتعددة والكثيرة تقف في اول الصف عن سبب القصور والتراجع.
ان الحكومة بأخطائها ومجلس الامة بخطاياه يتحملان ما وصلنا اليه من ترد وتراجع في الجانب الاخلاقي او التربوي او القانوني.
ان غياب القدوة او المثال او العبرة احد اسباب بل أُس السبب في تردي الاحوال على كل الصعد، فالبلد يفتقر الى مثقفين قدوة ورجال دين قدوة وسياسيين قدوة وتربويين قدوة، لذلك فنحن كلنا جميعا كبارا وناشئة نعاني من الفراغ والجفاف الفكري وتالياً التراجع الاخلاقي والثقافي والاجتماعي.
فما تفسيركم عندما تفتح فتاة مراهقة النار من مسدس على امها فترديها قتيلة وهي نائمة في فراشها؟، وما تفسيركم عندما تعتدي فتاة اخرى بالسكين على ابيها لانه منعها من الخروج من المنزل؟ وما رأيكم عندما يضرب ابن عاق أباه الطاعن العجوز؟! هذه هي أخلاقيات طرأت علينا في زمن الرفاهية والترف وزمن التردي والانترنت والتلفونات الذكية والواتساب والانستغرام والتويتر والفيسبوك.. و.. انه زمن شيطاني يسوسه الشيطان واقرانه..!!.
أيها السادة، لا تتصوروا بكلمتين إذا قلناها عبر المنابر الاعلامية او كتبناها عبر الصحافة، قد تتراجع الشبيبة عن اعمال الفوضى وخرق القوانين، طالما ان وسوسة الخراب والفساد الاجتماعي تنشط وبفعالية في قلب المجتمع، ولنتذكر أننا تبدلنا أخلاقياً ومن المتعذر أن نعود الى زمن العيب، فلقد نسينا العيب وشطبناه من قاموسنا..!!.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك