معرفة جوهر ظاهرة 'البويات' أمر ضروري!.. بنظر وليد الرجيب

زاوية الكتاب

كتب 1863 مشاهدات 0


الراي

أصبوحة  /  هل 'البويات' ظاهرة؟

وليد الرجيب

 

قَرَع اتحاد طلبة الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب ناقوس الخطر، مما أسماه تفشي ظاهرة «البويات» في الهيئة ودعا إلى تشكيل لجنة لمحاربة الظواهر السلبية (الراي) عدد الخميس 11 سبتمبر 2014).

ومن يقرأ هذا التحذير من طلبة الهيئة العامة، يعتقد أن مثل هذا النزوع الشاذ هو حالة عامة متفشية في كل مفاصل المجتمع، بينما أجد أنها نزعة كانت موجودة منذ قدم التاريخ في كل المجتمعات والحضارات، ولكن لم يكن هناك تسليط أضواء عليها بل كانت تمارس بأقصى قدر من السرية، سواء كانت شذوذ الذكور أم شذوذ الإناث، لكنها عبر التاريخ لم ترق لمستوى الظاهرة.

سمي شذوذاً لأنه خارج عن طبيعة البشر ولأنه نادر، فهناك قواعد وهناك شواذ لهذه القواعد، وإذا كان هذا الشذوذ ظاهرة فما جوهرها أي الجانب الداخلي المخفي عن إدراكنا الحسي؟ أليس لكل مظهر جوهر؟ وهما كما يقول العلم متضادان متناقضان، فهل أجريت دراسة علمية شاملة للظاهرة لمعرفة جوهرها الخفي وأساسها الثابت، فمعرفة الجوهر ضرورية والتفريق بين الجوهر والظاهرة يؤدي إلى أخطاء وأحكام خاطئة جدّية.

وفي كثير من الأحيان يتم تضخيم حوادث معينة على اعتبار أنها ظاهرة خطيرة لأسباب سياسية وأيديولوجية، فلماذا لا يتم اعتبار التطرف الديني والتعصب الطائفي ظاهرة؟ وهي ظاهرة لها جوهرها الذي لا يخفى على أحد، ويجب تشكيل لجان لمكافحتها؟ ولماذا لا يعتبر التخلف الاجتماعي والثقافي، وكذلك النفاق الديني الاجتماعي ظواهر اجتماعية لها جوهرها الذي يكاد أن يكون بدهياً؟

كما أن التنمّر أو ما يسمى بالإنكليزية (Bully) أمر شائع في مدارس البنين والبنات، ويكاد أن يكون منتشراً في مدارس العالم، لكنه ليس دائماً إشارة إلى إجرام مستقبلي لكنه أمر محتمل، والتنمر في المدرسة وحتى داخل الأسرة الواحدة هو محاولة لإثبات الذات من خلال السيطرة وقيادة الآخر، بل في كثير من الأحيان هو في جوهره محاولة لإخفاء ضعف ما بما يسمى بالحيلة النفسية الدفاعية.

كما أن استرجال المرأة هو بحث عن القوة الزائفة عن طريق تقليد الرجل، الذي يستخدم قوته العضلية والاجتماعية لفرض إرادته، مع أنه فهم خاطئ لمفهوم القوة عند البشر وينم عن فقدان الأساليب العقلية للتواصل أو التعامل مع الآخرين، كالمدير الذي يستند إلى كرسي المنصب لفرض قوته والسيطرة على الموظفين بدلاً من استخدام المحبة والتواضع والحكمة، وهذا ينطبق على الوزير والحاكم والرئيس وهكذا، فالمرأة التي تكره الرجل تقلده في شكله وسلوكه وحتى صوته، مع أن في الأنوثة قوة كبيرة ومؤثرة.

كما أن للشذوذ الجنسي «غير البيولوجي» أسباباً اجتماعية، وهذه الأسباب تختفي في كثير من الأحيان عند النضج أو بالتوعية وأحياناً بالردع، ولكن بعض نظريات علم النفس تقول: ان كل أنواع الشذوذ جنسي أو غير جنسي بذوره موجودة عند كل إنسان، تكبر لديه بتنميته الواعية لها أي باستدعائها المتكرر في الخيال وممارستها أو غير الواعية، أو يتم كبحها بالكوابح الاجتماعية والدينية والقانونية، ومع ذلك تظل أموراً نسبية في الزمان والمكان مثل الزواج الجماعي والتعدد في العلاقات الجنسية في العصور البدائية للبشرية، الذي استلزم آلافاً من السنين لكي يتحول إلى الزواج الأحادي والذي لم تفرضه الأخلاق ولكن فرضه تقسيم العمل.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك