عن المرأة الباكستانية وحظر ركوب الدراجة!.. يكتب خليل حيدر

زاوية الكتاب

كتب 814 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  المرأة الباكستانية.. والدراجة!

خليل علي حيدر

 

المرأة السعودية لا تمتلك حق قيادة الدراجة أو السيارة، على حد سواء، في الطرق العامة! وتستطيع المرأة الباكستانية أن تقود السيارة في الشوارع، بينما تحلم بمجتمع يتسامح مع قيادتها.. للدراجة الهوائية.. فليس من المألوف رؤية امرأة على دراجة هوائية في باكستان!
وما من قانون يمنع النساء من ركوب الدراجات الهوائية أو النارية، لكن من النادر جداً، كما ذكرت الصحف، رؤية امرأة تستخدم وسيلة النقل هذه. وفي مسعى إلى كسر هذه الصورة النمطية، جابت نحو عشرين امرأة شوارع «اسلام اباد»، عاصمة البلاد، يوم الجمعة، احتفاء باليوم العالمي للمرأة في مارس 2013، وقالت احدى السيدات، انه «نشاط بسيط، لكننا أردنا أن نظهر أن المرأة تتمتع بالحق في ركوب دراجة هوائية، فالمجتمع الباكستاني لا يتقبل أن تزاول المرأة هذا النشاط»، واضافت تروي: «عندما كنت صغيرة كنت أركب الدراجة الهوائية من دون أي مشكلة، لكنه طلب مني في المدرسة أن أتوقف عن ممارسة هذا النشاط لأن المجتمع لا يتقبله»، أنا أحلم بأن تركب المرأة الباكستانية الدراجة الهوائية بكل حرية»، واضافت الصحف أن عدداً من الجمعيات تنظم بنفس المناسبة جولات على درجات هوائية بغية الترويج لهذه الرياضة» (الجريدة 2013/3/10).
رافق الجدل واعتراض المجتمع عبر التاريخ تنقل المرأة بمختلف المواصلات، بما في ذلك طريقة جلوسها ومن سيرافقها والمسافة التي ستقطعها ومن سيراها.. إلخ.. ودار شدٌ وجذب بين المحافظين و«الأقل محافظة» حول ذلك، واستخدمت حُجج دينية واجتماعية، مثل «تجنب كلام الناس»، للحد من حرية المرأة.. أكثر من الرجل!
كانت المرأة الإنجليزية مثلاً تركب الحصان منفرجة الساقين كالرجل Astride. حتى أواخر القرن الرابع عشر، أي ما بعد 1370، عندما بدأت عادة جلوس النساء على السرج الجانبي Side.saddle وفي العصور اللاحقة ظهر السرج المزدوج «البليون» Pillion، حيث كانت المرأة تجلس خلف أحد اقاربها أو الخادم، وعندما دخلت الملكة «اليزابيث» (1603-1533) ملكة انجلترا المدينة، كانت تجلس خلف رئيس مجلس اللوردات Lord Chancellor وكان «البليون»، كما يقول «معجم المورد»، عبارة عن «سرج خفيف للنساء»، أو «وسادة توضع وراء السرج خلف الفارس لركوب المرأة»، وهو اليوم في الانجليزية الدارجة السرج الإضافي خلف مقعد سائق الدراجة البخارية أو الهوائية، فيقال to ride pillion، أي «يردف خلف السائق».
دخلت الانجليزيات منذ «عصر شكسبير» مرحلة تقليد الرجل في سائر المناحي الممكنة. وتقول باحثة في تطور وسائل المواصلات، إن المرأة قبل حتى حلول هذا العصر بفترة طويلة ارتدت القبعات وغرزت فيها ريشة! وقامت بتقصير شعر الرأس والأخذ منه إلى أقصى حد، ووضعت على رأسها قبعات فرو السمور، بل واحتفظت بخنجر تحت الثياب التي تغطي مؤخرتها، وركبت الخيل مرتدية الحذاء الجلدي الطويل الساقين مع البنطال القصير في رحلات الصيد.
وقد أثار هذا كله اعتراض البعض، واتُهمت المرأة بأنها تتشبه بالرجل Becoming a mankind generation، بارتداء البنطال والشورت.
وظهرت في بريطانيا كُتيِّبات ورسائل كثيرة تهاجم «شرور المرأة المعاصرة» وطيشها، ولامبالاتها ازاء الأمومة وواجباتها المنزلية.
وكان هذا كله في عصر شكسبير (1564 – 1616).. لا في عصرنا هذا!. [The Romance of Transport, Ellison Hawks, 1931, p32 – 33].
وتقول الباحثة نفسها إن أولى الدراجات الهوائية ظهرت عام 1810، ولكنها سرعان ما اختفت مؤقتاً بسبب استهزاء الناس براكبيها وتشبيه العجلات التي يركبونها بأنها مثل أحصنة الأطفال الخشبية، أو الـhobby horse ثم قام الفرنسيون بتطويرها عام 1818، وأدخلت عليها الكثير من التحسينات طوال القرن، كان منها العجلات المرنة أو المنفوخة التي أدخلها «دنلوب» عام 1888، أما الدراجات النارية فارتبط ظهورها وتطورها عام 1882 ثم 1884 بمكائن الاحتراق الداخلي، وبخاصة تلك التي اخترعها «غوتليب ديملر»، المهندس الألماني الذي ارتبط اسمه بظهور أول سيارة، وامتزج تطور السيارة بظهور الدراجة النارية أو «الموتوسيكل».
وعرفت الولايات المتحدة عام 1890 ظاهرة اجتماعية واسعة عُرفت بهوس أو «جنون الدراجات» The Bicycle Craze، حيث توفرت لسكان المدن والريف وسيلة انتقال سهلة، وكان لهذا المستجد أثر هائل في حركة تحرير المرأة ونيلها حق التصويت ومساواتها بالرجل، وهو ما سنتحدث عنه في مقال آخر.
الباكستانيون لم يتحفظوا على ركوب المرأة الدراجة وحدها، فقد صرح مسؤول في الشرطة الباكستانية، كما جاء في الصحف قبل عام، أن رجال دين في شمال غرب البلاد، «أصدروا حظراً مؤقتاً على تسوق النساء ما لم يرافقهن أحد أقاربهن الذكور، في خطوة تهدف إلى عدم تشتيت انتباه الرجال خلال شهر رمضان الكريم». وأضافت صحيفة الجريدة، 213/7/22، أن السلطات ستُلقي القبض على أي امرأة تتسوق بمفردها، وقد يعاقب أصحاب المتاجر إذا باعوا لنساء ليس معهن مرافق من أقاربهن، وقال «منوّر خان» أحد تجار المنطقة لوكالة رويترز، «لم ندعم قط هذا الحظر، وعقدنا اجتماعا للاحتجاج على قرار رجال الدين».
وجاء في الصحيفة أن قطاعات واسعة من باكستان الريفية تتبع نهجاً محافظاً للغاية وقد تم «قتل الآلاف من السيدات في السنوات الأخيرة بسبب سلوك اعتبرته غير لائق». يعني «هانت» مسألة منع ركوب الدراجة!

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك