استبداد دعاة الحرية ..؟!! بقلم عبدالكريم الشمري

زاوية الكتاب

كتب عبدالكريم الشمري 811 مشاهدات 0



في الكويت دائما نتكلّم عن حريّة الرأي وإحترام الرأي ولكن عند أول اختبار يتضح بأن أكثر الناس دعوة إلى حريّة الرأي وإحترام الرأي الآخر في الكويت هم أكذب الناس وأكثرهم ديكتاتوريّة واستبداداً…!

وجهلهم بدكتاتوريّتهم واستبدادهم وعدم اعترافهم بها نابع من مفهومهم القاصر للاستبداد؛فهم يقصرون الديكتاتوريّه والاستبداد على الوسائل الماديّة في القمع كالسجن والضرب…ولو أنهم علموا بأن القمع بالوسائل العنوية-من ممارسة الإرهاب الفكري وتخوين المخالف والسخرية منه و(هشتقته)-أشد ايلاماً وقمعاً للآراء من الوسائل الماديّة لأيقنوا بأنهم أشد الناس استبداداً ومصادرة لحقوق الآخرين في التعبير عن آراءهم…؟!!

والحقيقة أن ممارساتهم هذه -إضافة على أنها متناقضة مع ما يدعون إليه بأفواههم من دعم حريّة التعبير واحترام الرأي الآخر-صعّبت مهمة الناقد وأجبرته على أشياء هو في غنى عنها وتستنفد من وقته ما يحتاجه لأمور تهمّه أكثر من غيرها…فأصبح الناقد اليوم لا يستطيع نقد أحد دون أن يدبّج له مقدمات الثناء ويثبت حسن نواياه من نقده حتى يمرر بها كلمة نقد صادقة…؟!!

ولو ركّز هؤلاء وجعلوا تفكيرهم منصباً على حقيقة النقد دون شخص الناقد لاستفادوا منه كثيراً؛لأن اصغاءهم بهذا الشكل-وهو اصغاء الحذر المتوجل من كل شيء-يغيّب الذهن الواعي المريد للحقيقة ويحضر الذهن المليء بالقناعات المسبقة الذي يحكم على النقد من شخص الناقد دون تكليف النفس حتى الإلتفات إلى النقد…؟!

ولو أنهم أيقنوا بأن النقد بحد ذاته ليس إعلاناً للحرب وإظهاراً للعداء…وحاولوا التمييز بين النقد الهادف من غيره بموضوع النقد وطريقة عرضه،

لاستطاعوا التفريق بين نقد المحب وغيره من النقد…أو على الأقل استطاعوا الإنسجام -إلى حد كبير-مع ما يدعون إليه من دعم حريّة الرأي واحترام الرأي الآخر…!!.!

طبعاً لا يعيبني أنا وأمثالي إذا استنكرنا قولاً يخالف الشرع وطالبنا بعدم نشره لأنني أنا وأمثالي ندين الله بوجوب انكار مثل هذه الأقوال التي تؤثر على عقائد وأخلاق الناس ولم ندّعِ يوماً ما بأن كل الآراء مهما بلغت شذوذاً ووقاحة مرحب بها عندنا…ولكن من يدّعي بأنه حامي حمى الحريّات والمجاهد في سبيل اتاحة فرصة التعبير ورفع سقف حريّتها فيبلغ به العيب مداه إذا استنكر الأقوال التي لا تروق له لا سيما إذا كانت هذه الأقوال والآراء ليست مخالفة للشرع وغاية ما فيها هو نقد لبعض سلوكيّات هذا المنقود التي أطبق المنصفين على عوجها إلا من أعماهم حبّه عن الإقرار بذلك…!!

يقول نعوم تشومسكي :(إذا كنت تؤمن بحرية التعبير، فأنت تؤمن بحرية التعبير عن الآراء التي لا تعجبك)

فدعوى احترام الآراء المخالفة إذا لم تترجم إلى أفعال لن تزيد مدّعيها إلا كذباً ونفاقاً…فلا يصح أن نتعامل معها وفق مصالحنا فنقيم الدنيا ونقعدها إذا كان المتضرر موافقاً لنا فكرياً ويتبنّى توجهنا السياسي ولا نعبأ للمتضرر إذا كان غير محسوب علينا…فالقناعة والمبدأ ينطلق من صميم الذات دون النظر إلى حال وفكر المتضرر…هذا إذا كانت القناعة حقيقية والمبدأ صادقاً…؟!!

وختاماً :

يقول نعوم تشومسكي :(إذا لم نكن نؤمن بحرية التعبير لمن نحتقرهم فنحن لا نؤمن بها على الإطلاق)…!!!

عبدالكريم دوخي الشمري

الآن - رأي: عبدالكريم الشمري

تعليقات

اكتب تعليقك