الانحراف النيابي وعجز الحكومة حالتان مزمنتان في البلد!.. بنظر محمد المقاطع

زاوية الكتاب

كتب 527 مشاهدات 0


القبس

الديوانية  /  الانحراف النيابي

أ.د محمد عبد المحسن المقاطع

 

عانت الكويت، ولا تزال، من افتقادها حكومات قادرة على أخذ زمام المبادرة ووضع رؤيتها ومشاريعها - إن وجدت - حيز التنفيذ، وكان ذلك دائما يتزامن مع المعاناة من الانحراف النيابي في ممارسات معظم أعضاء مجلس الأمة، وذلك منذ عام 1996، وهو ما عطل مصالح البلد وبدد الآمال في تحقيق الإصلاح السياسي المنشود، وكذلك التنمية الحقيقية للأخذ بيد الدولة نحو التقدم والبناء.

ويبدو أن حالة الانحراف النيابي ومعها عجز الحكومة، هما حالتان مزمنتان في البلد، مرتبطة بالعقلية السياسية السائدة ونمط الممارسة وغياب العمل السياسي المنظم، وليس لهاتين الحالتين أي ارتباط تلقائي بنظام دوائر أو نظام انتخابي محدد، فقد مرت الكويت منذ 1996 وحتى اليوم بثلاثة أنظمة انتخابية، تلتقي أغلبها في تكريس عقلية الانتماء القبلي أو الطائفي أو الفئوي على حساب الولاء الوطني، وإلى جوار ذلك هناك نمط سيئ يتسيد العمل السياسي في البلد أساسه الفردية في العمل الوزاري، والفردية في العمل البرلماني، فعلى الرغم من ان جوهر النظام البرلماني الذي أقامه الدستور يقوم على فكرة العمل المؤسسي والجماعي فان الممارسة الحكومية والبرلمانية منذ 1996 مفرطة في الفردية، فكل ربما يسعى لمجده الشخصي وتنفيذ تصوراته والتجاوب مع تطلعاته الخاصة، ومن ثم يحابي الأصدقاء والأقارب ويسمح بالمحسوبية والوساطات ويتجاوز عن المخالفات والمساءلة بتقديرات شخصية بحتة، فنشأت علاقات تمشية المصالح الشخصية بين أغلب النواب والوزراء أضعفت المؤسستين معا وانحرفت بهما عن جادة الصواب.

ولافت ان الحكومة كانت دائما الطرف الغائب عن العمل الجماعي والمؤسسي الذي يقود مبادرات العمل السياسي، ولكن من المؤلم أن يكون ذلك هو أيضاً حال أغلب الأعضاء المنتخبين الذين ليس لانتماءاتهم السياسية أثر واضح في ترشيد ممارساتهم، ربما لأن هذه التيارات هي أصلا تعاني هذه الأعراض.

إن زار التهديد بالاستجواب لأسباب شخصية، واستغلال موسم تشكيل الحكومة وإقحام مطالبات فئوية بالتعيين أو الاستبعاد، وتقديم أسئلة للتشفي والانتقام السياسي أو ربما لأغراض الابتزاز المالي الذي هو بتزايد وبأسلوب غير لائق، انحرافات واضحة لا يجوز السماح بها، كما أن تقديم قوانين تقيد الحقوق أو الحريات أو تقوض بناء مؤسسات الدولة أو تنتهك أحكام الدستور ويتم التعامل معها وكأنها أمر عادي، ربما بتواطؤ نيابي أو مجاملة برلمانية أو لضعف حكومي ينبغي ألا يتم السكوت عنه، وهي مسائل يمكن أن يتصدى لها رئيس المجلس أو مكتبه أو أعضاء آخرون.

ربما هناك شعور لدى معظم الأعضاء هو أنهم فوق المساءلة، ولهم أن يقوموا بما شاؤوا وأن لديهم حصانة تمنع محاسبتهم أو ملاحقتهم وهم واهمون، وينبغي تفعيل مساءلتهم، فالبرلمانيون في العالم أكثر الملاحقين لممارسات الفساد وسوء استغلال النفوذ والسلطة، فهلا قمنا بملاحقة الممارسات البرلمانية المنحرفة والفاسدة؟

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك