الإفراط في العاطفة في الحياة العامة!.. بقلم خالد الجنفاوي

زاوية الكتاب

كتب 1506 مشاهدات 0


السياسة

حوارات  /  شخصاني

د. خالد عايد الجنفاوي

 

تعني “الشخصنة” الميل نحو إضفاء جبري للعاطفة والتفكير الشخصاني الضيق في التواصل مع الآخر, وهي تشير أيضاً إلى أي نوع من النقاشات الجدلية بين الأفراد, وخصوصاً حين يجعل أحدهم الاختلاف في الآراء ذات صبغة شخصية. سيحاول الشخصاني إضفاء صبغة عاطفية مفرطة في تفسير مواقف وآراء الناس الآخرين, ويستخدم تفكيره العاطفي في تقييم وجهات نظرهم. السبب الرئيس الذي يجعل البعض يميل الى التفكير الشخصاني الأناني واللامنطقي هو اتباعهم سلفاً التفكير العاطفي في حياتهم اليومية, فيصعب الخروج من قوقعة الشخصنة مادام يطغى على الحياة اليومية إفراط العاطفة والانطباعات ضيقة الأفق في التعامل مع العالم.
بعض العقول العربية التقليدية, حتى لو ارتديت “البذلة وربطة العنق” بدلاً من القفطان والثوب والدشداشة ستعاني من طغيان الطابع الشخصاني لأن النوع العاطفي من الافراد يتجاهل عمداً ما يمليه عليه العقل والمنطق, ويفضل التخفي وراء أقنعة العواطف والمشاعر الوهمية.
توجد في كل عقل إنساني نماذج تفكير أساسية يصعب تغييرها بسهولة, أو حتى إخفاؤها تحت رتوش الحضارة الغربية, ويؤدي بعضها إلى ترسيخ التفكير العاطفي والشخصاني. الخروج من قوقعة طغيان الطابع الشخصاني في الحياة العربية اليومية يبدأ من بذل جهود شخصية حثيثة في تطوير آليات التفكير الأساسية.
لم أعد أؤمن بعدم وجود فرق بين بعض العقول العربية النمطية والعقول الشرقية المعاصرة, فما يحدث حالياً من تطورات, اجتماعية واقتصادية وتعليمية, هائلة في الدول والمجتمعات الآسيوية يشير إلى حدوث تغيرات جذرية في آليات التفكير الشرقية لأسباب عديدة منها, على سبيل المثال, الانفتاح على السوق العالمية والتبادل الثقافي النشط الذي يحصل حالياً بين الغرب والشرق الآسيويين, لكن الأمر يبدو مختلفاً في عالمنا العربي, اذ رغم تقمص بعض العرب “المتمدنين” أدواراً حضارية شبيهة بالغرب, تبقى معضلتنا التاريخية في طغيان الشخصانية!
طغيان الطابع الشخصاني في جوانب معينة في المجتمع العربي التقليدي سيبقى يؤدي إلى نشوب نزاعات, اجتماعية وفكرية, بين أبناء المجتمع الواحد, ولكن المجتمع الذي يرغب أعضاؤه في مواكبة ما يحدث حولهم من تطورات علمية وثقافية واقتصادية, عالمية لابد من أن يتخلص من نظرته السلبية تجاه الآخر المختلف.
الغربي يتعامل بشكل عاطفي مع الآخر, إذا دعته الحاجة إلى ذلك, ولكن لا تطغى على حياته العاطفة المفرطة, فهو ينتمي الى مجتمع عملي لم يعد يستسيغ الافراط في العاطفة في الحياة العامة

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك