آلية عمل الحكومة غير مدروسة!.. برأي سلوى الجسار

زاوية الكتاب

كتب 637 مشاهدات 0


الوطن

رؤيتي  /  تقارير على الرفوف

د. سلوى الجسار

 

بناءً على تقرير التنافسية العالمي والذي يصنف دول العالم حسب مؤشرات التنافسية العالمية والذي يعتمد على (110) متغيرات مقسمة على (12) مجالاً أساسياً ومنها (الجانب الاقتصادي، السياسي، الاجتماعي، التعليمي، التكنولوجي، ...)، حيث يتم قياس مستوى التنافس في (189) دولة. فقد جاءت دولة الكويت في التقرير لعام 2014/2013 في المرتبة (79) في مؤشرات الكفاءة، ولقد تراجعت الى المركز (84) في العام 2015/2014. ان حصول الكويت على المركز (84) وتراجعها الى أربعة مراكز خلال عام واحد بحاجة الى دراسة وتحليل الأسباب وراء هذا التراجع. لقد مللنا من الحديث مرارا وتكرارا عن أهمية التقارير العلمية العالمية ودراسة نتائج الدراسات البحثية للوقوف على المشكلات وما مدى أهميتها بالنسبة للحكومة ودورها في حل المشكلات بغرض تصحيح المسار التنموى وبرامج عمل الحكومة ولكن لم نجد آذاناً صاغية او مبادرات ملموسة. ولقد أوضح التقرير نقاطاً هامة بأسباب التراجع وهي:
-1 بطء الاجراءات والدورة المستندية. -2 عدم ملاءمة بيئة الأعمال للاستثمار. -3 خلل في الأطر التشريعية ونقص في القوانين. -4 تعقيدات سوق العمل الكويتي. -5 تزايد مؤشر الفساد وقصور الشفافية. -6 ضعف المخرجات التعليمية. كما أضاف التقرير موقع الكويت من بعض المؤشرات، فعلى مستوى مؤشر الابتكار والتطوير احتلت الكويت المركز (95)، ومؤشر ممارسة أنشطة الاعمال المركز (104)، ومؤشر التشغيل والانتاجية المركز (107)، ومؤشر معززات الكفاءة في المركز (83).
اذن نحن امام تحديات ومشكلات هي تفسير أسباب تأخر ترتيب دولة الكويت بالنسبة لدول العالم. ولعل الدراسات الاحصائية لصندوق النقد الدولي أكدت ايضا تراجعنا في مستويات الأداء العام في العديد من الخدمات مثل التعليم والصحة، على الرغم من ان دولة الكويت تحتل المركز الخامس عشر بالنسبة لدخل الفرد السنوي مقارنة بدخل الفرد في العالم، وعلى الرغم من اننا دولة تتميز بصغر المساحة وقلة عدد سكانها الذي بلغ تقريبا أربعة ملايين نسمة والكويتيون يمثلون %30 فقط. ومع ارتفاع الموارد المالية للدولة من جراء مورد النفط كأهم مصدر لاقتصاد الدولة فمنطقيا يجب ان يكون هناك تناسب ألا وهو كلما زاد مستوى دخل الفرد زاد الانتاج والتطوير وملاءمة بيئة العمل وقل الفساد وارتفاع مؤشرات المخرجات التعليمية بينما الواقع اننا نجد العكس هنا في الكويت حسب ما جاء به تقرير التنافسية العالمي، كما ان المشكلة الحالية ان حجم الميزانية لهذا العام (21) مليار دينار تصرف منها مبالغ كبيرة على التعليم والصحة والاقتصاد وبالمقابل نرى أغلب الشعب غير راضٍ عن الأداء الحكومي وعن قطاع التعليم والصحة والاقتصاد. أما الأسوأ القادم أنه خلال العشرين سنة القادمة سوف يبلغ عدد الكويتيين الباحثين عن الوظيفة (620 الف نسمة)، والتركيبة السكانية بعد الـ (15) سنة القادمة ستكون على الشكل التالي:
%28 كويتي، %71 غير كويتي، فكيف يكون هذا التناقض العجيب قلة توفر الوظائف للكويتيين امام زيادة نسبة غير الكويتيين، وكأننا نقول ان خيرات البلد ليست لأهلها. فيا ترى أين سيكون مركزنا بعد عدة سنوات بالنسبة لتقرير التنافسية العالمي؟ ما يؤسفني كثيرا ان آلية عمل الحكومة غير مدروسة وتفتقر الى الرؤية والتخطيط الاستراتيجي، والا أين التخطيط الذي نسمع عنه ولا نراه؟ وأين استراتيجية عمل الحكومة لمواجهة المشكلات وتعقيدات سوق العمل والدورة المستندية ومركزية العمل والفساد الاداري والمالي واصلاح التعليم حسب مؤشرات التقرير؟ وها نحن نرى ونشاهد ونتابع اهتزاز الحكومة بتصريحاتها عند انخفاض سعر برميل البترول نجد في المقابل تصريحات العديد من القيادات عن سياسة الانفاق وعن عجز الميزانية وعن ربط وشد الحزام وعن اغلاق حنفية الهدر وغيرها وبالمقابل يتساءل بعض أعضاء مجلس الأمة عن الشركات والأموال الكويتية في الخارج والتي لا تخضع الى الرقابة، وعن ذهاب مئات الملايين بلا رقابة ديوان المحاسبة، وبحسب ما اعلن ان مبالغ الاستثمارات في الخارج وصلت الى 360 مليار دينار دون مردود مالي منها. وكذلك يشير احد أعضاء المجلس عن تضخم رواتب ومكافآت القياديين والمستشارين مما يسبب عبئا على ميزانية الدولة. فالسؤال أين التخطيط؟ وأين مصادر الدخل البديلة؟ أما العجيب في هذا الوقت العصيب وبوادر لازمة اقتصادية امام انخفاض اسعار البترول هناك من يطالب من أعضاء مجلس الأمة بزيادة رواتب الموظفين وزيادة الامتيازات والصرف المالي ويدفع بتشريعات مادية فكل يغني على ليلاه. في المقابل هناك من يتحدث عن دولة الرفاه في خطاباته السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وقد يصعب عليه فهم معنى دولة الرفاه. ان مصطلح الرفاه لا يستخدم في دولة لديها مشاكل وتراجع في مستويات التعليم وأداء الانتاج وضعف في مؤشرات الخدمات وعجز بالاقتصاد ومركزية في العمل وقلة الوعي الاجتماعي والسياسي والثقافي والبيئي. اليوم مثلا نواجه أزمة صحية في ارتفاع معدلات الاصابة بمرض السرطان بما يقارب (1300) حالة سنويا وهو في تزايد فلا أبحاث ولا دراسات عملت للتعرف على أسباب التزايد المخيف لهذا المرض في الكويت، بالاضافة الى احتلال الكويت المرتبة (126) في مؤشر التلوث البيئي في العالم، ناهيك عن التعليم وما ادراك ما التعليم من فوضى في التخبط في اعداد المناهج وتدريسها، وفي السياسات التربوية حتى التعليم صبغ باللون السياسي مما زاده تراجعا ولخبطة فلا احنا من السياسة ولا احنا من التعليم، ولا أقول الا الله يستر من القادم اذا ظل الحال كما هو عليه الآن.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك