المشكلات والأزمات لا تحل بتغيير الوزراء!.. هكذا يعتقد وليد الرجيب

زاوية الكتاب

كتب 672 مشاهدات 0


الراي

أصبوحة  /  الانحدار والنهضة شاملان

وليد الرجيب

 

لماذا يستغرب أو يغضب جمهور كرة القدم، من الهزيمة المذلّة لمنتخبنا الوطني في كأس خليجي 22؟ ولماذا تُبرز الصحف اليومية الخبر على صدر صفحاتها الأولى؟ ولماذا يتخبط المحللون الرياضيون في تحليلاتهم لأسباب هزيمة الفريق الكويتي أمام منتخب عمان الشقيقة 5 مقابل صفر؟ فمرة يضعون اللوم على ضعف أداء الرياضيين وتارة على ضعف المدرب وتارة أخرى يركزون على إدارة الاتحاد.

علينا أن ننظر إلى الصورة الكبيرة، التي تشمل البنية الاقتصادية التحتية وانعكاس البنية الفوقية التي تشمل المؤسسات السياسية والحقوقية والتشريعية والثقافة والفنون وخدمات التعليم والصحة والأخلاق والمظاهر الاجتماعية السلبية...الخ.

فعندما يتدهور مرفق في أي دولة، لا يمكن أن يكون شذوذاً عن قاعدة الانحدار العام، فدائماً ما يكون انحطاط الدول والحضارات والمجتمعات عاماً، وكذا فإن النهضة عادة ما تكون عامة وشاملة، فمقارنة سريعة بين هذه الحقبة حيث كانت مداخيل وفوائض عوائد النفط بالمليارات، وبين حقبة الستينيات حيث العوائد والموازنات أقل بكثير، نجد أننا كنا بتلك الفترة في حالة نهوض على كل المستويات، التعليمية والصحية والرياضية والثقافية والفنية والأدبية، والبنية التحتية وجميع الخدمات، حتى أصبحنا محط أنظار العالم والدول الشقيقة، أما في الزمن الحاضر فكل شيء متدهور ومنحدر رغم ما حققته الفوائض من موازنات وفوائض مالية، تكفي لتحويل الكويت إلى جنة، وخاصة أن لدينا الكفاءات البشرية اللازمة في كافة المجالات، فالجميع يشكو من قلة الأسرّة في المستشفيات ونقص الخدمات الصحية وتهالك المؤسسات الصحية، والجميع يشكو من تدهور العملية التعليمية، والجميع يشكو من المعضلة المرورية، ناهيك عن تراجع الجوانب الاجتماعية مثل تضخم معدلات البطالة والتكدس الوظيفي والفساد والرشوة وانعدام العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، والتخلي عن الخيار الديموقراطي والمشاركة السياسية والحريات العامة والخاصة وسوء الإدارة السياسية، فهو تراجع يشمل السلطات الثلاث وما يتبعها.

فمنذ أن أصبحت رئاسة النوادي والاتحادات الرياضية وبعض مؤسسات المجتمع المدني، موضة لأبناء وبنات الأسرة الذين ليس لهم دور في الإدارة السياسية، وهي تدار بعقلية المشيخة مع المقربين منهم، بحيث يكونون في منأى عن المساءلة، ولا يمكن إزاحتهم أو محاسبتهم عن أي تقصير أو خطأ، بينما كانت النوادي والاتحادات الرياضية في ستينيات القرن الماضي، تدار من قبل الكفاءات الوطنية المهتمة بالشأن الرياضي، مع قلة الموازنات المخصصة في ذلك الوقت، ويبدو أن عدوى سيطرة أبناء الأسرة الحاكمة على المؤسسات الرياضية في الكويت، قد انتقلت إلى أبناء الأسر الحاكمة في دول الخليج.

ولا يمكن حل مشكلة ما في دولتنا بشكل منفرد، سواء التعليم أو الخدمات الصحية أو البنى التحتية أو مشكلات المرور وظواهر تفشي الفساد والإفساد، إلا بحلولٍ شاملة تبدأ من الإصلاح السياسي والتخلي عن نهج الانفراد بالسلطة والقرار، والعودة إلى تطبيق مواد الدستور وتطويره، وإصلاح السلطات الثلاث وتفعيل قوّة القانون وتطبيقه على الجميع، والرجوع إلى الشعب ولمشروع بناء الدولة المدنية الحديثة، ووضع نظام انتخابي عادل مبني على تشريع قانون متطور لقيام الأحزاب السياسية على أسس وطنية، وتنويع مصادر الدخل وتطوير قوى الإنتاج، وتعيين الكفاءات الوطنية بغض النظر عن الولاءات الضيقة، هنا فقط سنعيد الاعتبار للرياضة والثقافة والفنون والعلوم، وخلق كفاءات أكاديمية مؤهلة وقيادة للسلطتين التنفيذية والتشريعية بأيدي رجالات دولة، لا شخصيات هزيلة وموظفين كبار تنفيذيين ومأمورين، لا يعرفون معنى المبادرة والحزم في ظل محيط مأزوم، فالمشكلات والأزمات لا تحل بتغيير الوزراء، وإلا كان ذلك شكلاً من أشكال الحلول الترقيعية، بل الحل يكمن بالرؤية الشاملة والتغيير بعين العصر ومصلحة التقدم.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك