على الملتزم دينيا عدم العمل بالسياسة!.. بنظر حسن كرم

زاوية الكتاب

كتب 501 مشاهدات 0


الوطن

للمرة المليون.. الكويت دولة مدنية!

حسن علي كرم

 

بعض نشطاء الجماعات الاسلامية الذين يخوضون غمار العمل السياسي، يبدو لا بأس عندهم اذا ما طبقوا المبدأ الانتهازي القائل «الغاية تبرر الوسيلة»، فهذا الناشط، لا بأس اذا تلون بألوان الطيف السياسي، كالحرباء، فهو يتلون بتلون الموقف والظرف رغم ادعائه الالتزام الديني..!!
ثم اذا قيض الله له وفاز في انتخابات مجلس الامة كان عليه ان يؤدي القسم الدستوري والذي مبتدأه «اقسم بالله العظيم ان احترم الدستور وقوانين الدولة.. الخ». الا انه ما ان ينتهي من اداء القسم الذي يفترض ان يكون ملزما، وجدته قد رمى بقسمه وراء ظهره. ورفع عن وجهه القناع المزيف الذي يرتديه، وظهر بوجهه المخالف للقسم الذي اداه قبل قليل وهو احترامه للدستور وللقوانين والذود عن حريات الشعب.
لو يحدث هذا من نائب (عيار) غير ملتزم دينيا فهذا ديدن العيارين وما عليه شرهة لكن ان يحدث هذا من انسان يدعي الالتزام والصراط المستقيم، فهذه صدمة، والدين والسياسة لا يلتقيان، ولذا فالملتزم دينيا عليه عدم العمل بالسياسة، والا فقد دَنَّس نفسه وثوبه وماله بمغريات الدنيا.
ولعلي هنا لا أُنَصِّب نفسي قاضيا فأحكم أو مفتيا فأفتي، ولا راغبا ممارسة دور الناخب بعدما غسلتُ يدي من النواب ومن مجلسهم، ليس هذا المجلس توضيحا ولكن حتى المجالس السابقة ايضا، ولا انا هنا في معرض تقييم للديموقراطية الكويتية، أو اداء مجالس الامة، منذ المجلس الاول والى المجلس الحالي العتيد، رغم متابعتي بحكم المهنة لمخرجات الديموقراطية الكويتية ولاداء مجالس الامة حصريا، الا ان ما يهمني هنا حقيقة سؤال واحد علني اجد جوابا لدى النواب الاسلاميين المحترمين الحاليين أو السابقين، أو مَن يسعون للكرسي الاخضر، هل القسم الدستوري ملزم للنائب نصا وروحا، ام هو شكل بروتوكولي ليس الا..؟!! وبذا يمكن الحنث والقفز عليه، اعيد واكرر اذا عملها نائب عيار، فهو عيار وما عليه شرهة لكن ان يقلب نواب اسلاميون ظهر المجن ويبلعون قسمهم بشربة ماء بارد ممزوج بالخروع لزوم الصرف السريع، فهنا يتعاظم الموقف، كيف تعملها يا نائب يا ملتزم..؟!!
كيف ساغ لمثل هؤلاء الذين ينسبون لأنفسهم الالتزام أن يحنثوا بقسمهم وهو قسم لو تعلمون عظيم فتأتون بقوانين ومقترحات تخالف نصوص الدستور وتخالف الطبيعة التسامحية والثقافية للمجتمع الذي يقوم على التنوع واحترام الغير، بل لعلي ارى ان هؤلاء ومن يسير سيرهم يسفهون خيار الاغلبية والتنوع الثقافي.
لذا، يفيد القول ان أي قانون أو مقترح يخالف خيار المجتمع والتنوع الثقافي مخالف للدستور الذي نص على حرية العقيدة والاعتقاد، وهو بالقطع قانون ساقط ولا ينبغي ان يعتد به، فعندما يصرح احد النواب المحترمين المنتمين للتيار السلفي بان من اولوياتهم وقف عمل المرأة في القضاء وهذا مخالف صراحة للدستور الذي ساوى بين المرأة والرجل في الحقوق، واغلاق المحلات وقت الصلاة، ومنع الربا واعفاء اللحى للعسكريين.. الخ مثل هذه المقترحات والقوانين رغم انها مكررة الا انها ترفض من الاغلبية البرلمانية، لكن تكرار تقديمها في كل دورة برلمانية يدل على ان نواب الجماعات الإسلامية مصرون على تنفيذ اجنداتهم رغم أنف الدستور ورغم أنف المجتمع ورغم مخالفتها للقسم الدستوري فهل هذه اولويات تستحق الوقوف عندها..؟!!
ان التذرع بالمادة (2) من الدستور والتي تنص على ان (دين الدولة الاسلام) كمن يخلط الماء بالحليب، فكون دين الدولة الاسلام ليس معناه ان كل سكان الدولة مسلمون أو حتى ملتزمون، والا لزم طرد اكثر من نصف سكان الكويت من اتباع الديانات الاخرى.. فهل هذا ما يسعى اليه اصحاب الاجندات المتشددة أم انها مجرد إلهاء وسد ذرائع امام ناخبيهم..؟!!
للمرة المليون نقول ونكرر: الكويت دولة ديموقراطية اولا ودولة مدنية ثانيا.. ودستورها كفل الحريات الدينية والثقافية ويحترم التنوع الثقافي والديني لكل مكونات المجتمع، واما من يحاول لي عنق الدستور، أو يتكسب انتخابيا باسم الدين، فهو بذلك خالف الدستور اولا وحنث بقسمه ثانيا وخدع ناخبيه ثالثا وكتب على نفسه الفشل اخيرا.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك