سجناء هموم الحياة!.. بقلم سامي الخرافي

زاوية الكتاب

كتب 1265 مشاهدات 0


الأنباء

جرس  /  السجين

سامي الخرافي

 

جمعتني الصدفة مع شخصية ثرية في أحد الدواوين ولاحظت عليها الشرود والتفكير، فسألت صديقي: ما الذي جرى لفلان اليوم؟ فقال لي: لقد خسر صفقة بالأمس ولهذا تراه مهموما رغم ما لديه من ثروة طائلة، فطرأ على بالي عنوان المقالة فقلت في نفسي يا ترى كم هم عدد «السجناء» الذين هم على شاكلته في يومنا هذا؟

سجين المال: يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه (المال والبنون زينة الحياة الدنيا، والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا) سورة الكهف، لو نظرنا إلى من حولنا لرأينا الكثير ممن جعل تجميع المال هدفه الأول والأخير في هذه الدنيا وسعادته في جمع المال من مبدأ «المال عديل الروح»

فمثلا نلاحظ البعض من الدكاترة للعيادات الخاصة لا يخرج بإجازة لسنين طويلة على اعتبار أن المرضى لا يرضون بغيره «طبيبا» ولهذا تراه يلغي فكرة الإجازة من قاموسه لا لشيء سوى إنها «حسبة» مادية فقط، ويقول في نفسه لو خرجت في إجازة لمدة شهر ياترى كم سأخسر وكم..، وعندها يلغي الفكرة وهكذا لسنوات طويلة وعندها يرى أن ظهره قد تقوس وشعره اصبح كله شيبا وهو لم يستمتع بالمال الذي جمعه بل الذي استمتع به أولاده وزوجته.. هل هذه الحياة؟

وأضف الى ذلك التاجر والموظف والبخيل والعامل، وغيرهم الذين لم يشعروا بأي معنى لتلك الحياة سوى أنهم كانوا حراسا لتلك الأموال فقط لا غير وينطبق عليهم قول الله سبحانه وتعالى: (شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا).

سجين الفكر والرأي: نلاحظ هناك الكثير ممن يعتقد بأنه على الحق دائما وهو فوق الجميع عند مناقشته في أي أمر سواء كان سياسيا أو اجتماعيا أو دينيا، وكل من يخالفه ولا يتفق مع رأيه يتم وضعه في «البلاك لست» إنه الغرور والتكبر على الناس ويراهم «نكرة» مما يجعل الكثيرين ممن حوله ينفرون منه.

سجين المظاهر: المثل الكويتي «كلنا عيال قرية، وكل يعرف أخيه» هذا المثل البسيط يجعلك تقول لفلان أو فلانة نحن نعرف ظروفكما حق المعرفة فلماذا التظاهر بما هو ليس لكما وتريدان أن تقلدا أصحاب الثراء في كل شيء؟ فالله سبحانه وتعالى قد قسم الناس الى طبقات.. فلماذا تقلدونهم في أسلوبهم وحركاتهم وحتى أصواتهم؟ هؤلاء المقلدون اعتقدوا أن هذا النهج هو ما يجعلهم من علية القوم للأسف، والمثل الكويتي يقول «الثوب اللي أطول منك يعتك» (يعتك: يوقعك).

سجين الوسواس : يقول رب العزة والجلال (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه) فتجد هناك الكثير ممن يخاف من المستقبل رغم إنه عالم مجهول وهناك الكثير والكثير ممن يخاف من إصابته بالمرض ويحرص من كل شيء خوفا من الإصابة «وكم من صحيح مات من غير علة ... وكم من سقيم عاش حينا من الدهر».

وأعتقد بأن هناك الكثير ممن يدخلون ضمن قائمة «السجين » فلا يتسع المجال هنا لذكرهم ولكن ما نريد أن نقوله لهم: هو أن تحرص على ألا تسجنك الحياة بهمومها.. بتهم أنت منها براء، أطلق العنان لنفسك وفك قيودها ولا تكون أسيرا لها، وجدد حياتك وغير أسلوب معيشتك، اختل مع نفسك وراجع أمورك فسوف تجد أن الدنيا لا تساوي جناح بعوضة، بيدك أنت مصيرك لا بيد غيرك فاختر ما يناسبك إما السعادة أو التعاسة.

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك