العنف ضد المرأة ليس ظاهرة صغيرة أو معزولة!.. هذا ما يراه وليد الرجيب

زاوية الكتاب

كتب 876 مشاهدات 0


الراي

أصبوحة  /  العنف ضد النساء

وليد الرجيب

 

في 17 ديسمبر 1999 اعتبرت الجمعية العامة للأمم المتحدة 25 نوفمبر، اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة (القرار 54/134)، حيث دعت الأمم المتحدة الحكومات، والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية، لتنظيم نشاطات ترفع من وعي الناس حول مدى حجم المشكلة في هذه الاحتفالية الدولية.

فالنساء حول العالم عرضة للاغتصاب، والعنف المنزلي وختان الإناث وأشكال أخرى متعددة للعنف. ويعتبر قياس حجم طبيعة المشكلة من الأمور التي يصعب تجميعها بدقة، ولا توجد إحصائيات دقيقة حولها.

أتى هذا التاريخ من عملية الاغتيال الوحشية في 1960 للأخوات ميرابال الناشطات السياسيات في جمهورية الدومنيكان بأوامر من ديكتاتور الدومنيكان رافاييل تروخيلو (1930 - 1961).

وهناك المزيد من المعلومات حول تاريخ هذا اليوم، كما أن الإصدارات والمنشورات التي تصدرها الأمم المتحدة المتعلقة بالعنف ضد النساء على مكتبة داغ همرشولد.

«اليونيفيم» UNIFEM أو (صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة) لديه كذلك احتفاليات دورية باليوم العالمي ويعرض مقترحات لكيفية القضاء على العنف ضد المرأة.

والعنف ضد النساء بدنياً ولفظياً وجنسياً ظاهرة دولية، لا تختص بمجتمع ما أو بيئة معينة، وهي موجودة في أكثر الدول تطوراً وفي أكثرها تخلفاً بنسب متفاوتة، كما يمارس من قبل أنظمة وجماعات وأفراد بمن فيهم الأزواج والأقارب، فنحن لا نتحدث هنا عما تمارسه جماعات داعش من عنف، ولا نتحدث عن عنف النظام الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني أو النظام السوري الذي يمارس القتل اليومي والمذابح ضد شعبه أو غيرهما، من الذين يمارسون العنف على الجميع أطفالاً ونساء وشيوخاً، بل لا نستثني حتى الأنظمة ذات القوانين المدافعة عن حقوق النساء، وكذلك الرجال المتعلمين والمثقفين والأغنياء والفقراء.

فالتطور الاقتصادي الاجتماعي لا يلغي الإرث الثقافي الطويل جداً للبشرية، الذي قد يحتاج إلى أكثر من قرن كي يتغير أو يتطور، ففي الاتحاد السوفييتي السابق سُنّت أكثر القوانين المتطورة التي تنص على الحقوق المتساوية مع الرجل، لكن الارث الثقافي وهو نتاج قرون من التخلف ظل كما هو، وأيضاً استمرت النظرة الدونية والعنف ضد المرأة.

ولم يأت شعور الرجل بالتفوق على المرأة منذ الأزل، بل مرت البشرية بحقبة سادت فيها السيطرة والسطوة النسائية في العصر «الماطريركي» أو الأمومي، فهي ليست أمراً مغروساً في الطبيعة البشرية، لكن لعبت تغيرات تاريخية أثناء تطور عملية الإنتاج الاقتصادي مثل تقسيم العمل، في تغيير السائد من الثقافة وتبدل الأدوار.

ولا تزال حتى يومنا هذا وخاصة في دولنا المتخلفة اجتماعياً وثقافياً وسياسياً واقتصادياً، تُسن القوانين والتشريعات في غير صالح المرأة، مثل قانون الأحوال الشخصية وجرائم الشرف، بل استغلت الأنظمة الدين الإسلامي وجماعاته، لتأويل التعاليم الإسلامية بتعسف بما فيها الضرب والإهانة والتهميش والعقاب البدني والنفسي والاغتصاب الزوجي.

وعندما نتحدث عن الثقافة فهذا يشمل التركيب السيكلوجي، فالشعور بالتفوق والذاتية المتضخمة يمكن أن تكون بين المرأة والمرأة والرجل والرجل بطابع ثقافة مجتمعية، هذا التركيب المعقد للنفس البشرية وللشخصية، يخفيه الإنسان سواء كان ذكراً أم أنثى خلف أقنعة التحضر والتعلم والوعي الزائف والتدين، حيث يختار ما يناسبه من النصوص والعادات ونمط الحياة وتبريرها لما يناسب ويحقق ذاته الفردية.

وظاهرة العنف ليست ظاهرة صغيرة أو معزولة، إذ أوردت بعض المصادر أن نسبة العنف ضد النساء المؤدي للموت قد تصل إلى أكثر من 40 في المئة، وهي نسبة كبيرة غالباً ما يخرج منها الرجل بريئاً، أما العنف النفسي فتصل نسبه إلى مستويات عالية جداً وخاصة أنه غير مرئي، سواء بين الأزواج أو داخل الجماعات، ويترك ما يسمى بـ «بالندوب الخفية» invisible scars، وهو دائم التأثير ويعتبر أقسى من الموت.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك