تدريس اللغة التركية في جامعة الكويت أهم من العبرية!.. بنظر خليل حيدر

زاوية الكتاب

كتب 1722 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  العبرية.. أم التركية؟!

خليل علي حيدر

 

تنوي كلية الآداب بجامعة الكويت مضاعفة اهتمامها باللغات الشرقية، وفي تصريح لعميدة الكلية د.حياة الحجي لصحيفة القبس، بينت ان كلية الآداب تتجه الى مشروع تدريس اللغتين الفارسية والعبرية، الذي سيرى النور قريبا وستكون ضمن الخطط المستقبلية.
ولا جدال في اهمية اللغة الفارسية خاصة في دراسة الادب واللغة العربية، لارتباط الثقافتين العربية والفارسية منذ قرون طويلة، وكذلك لأهمية اللغة الفارسية في الحياة السياسية المعاصرة في المنطقة الخليجية، ولكن هل للغة العبرية نفس الاهمية؟
ولا نقلل بالطبع من مكانة اللغة العبرية في العديد من الدراسات التاريخية وتدقيق النصوص اللغوية وللباحثين في الشؤون اليهودية والاسرائيلية وغير ذلك، ولكن لماذا لا نكرس هذا الاهتمام للغة التركية او الاردية مثلا؟ والذي اراه ان اللغة التركية لغة شرقية بالغة الاهمية بسبب التاريخ المشترك مع تركيا لقرون طويلة، ولأهمية تركيا المعاصرة في منطقة الشرق الاوسط واتساع التجارة والسياحة معها، وكذلك لأهمية التواصل الثقافي والاعلامي مع هذه الدولة.
كما ان اللغة التركية لا تقف كأداة للتفاهم عند الحدود التركية الحالية، بل تمتد عبر آسيا وعبر لهجات مختلفة الى الصين، حيث تُستخدم في اذربيجان وتركمنستان واوزبكستان وغيرها، ويتحدث ببعض لهجاتها «التركمان» في العراق وايران وغيرها.
وللغة التركية اهمية خاصة في قراءة وثائق الدولة العثمانية الكثيرة والتي تتضمن جوانب بالغة الاهمية من تاريخ المنطقة الخليجية والعربية والتي هي في حاجة ماسة اليوم لان تمتد اليها جهود الدارسين والباحثين.
وتشترك اللغتان الفارسية والتركية في ضخامة حجم استعارة المفردات والعبارات من اللغة العربية، وقد جاء في صحيفة القبس نفسها 2014/12/8، ان الفارسية «تعتبر اللغة الثانية بعد اللغة العربية في العالم الاسلامي، وان كل حروف الابجدية العربية موجودة في اللغة الفارسية، وبحسب احصائيات مجمع اللغة الفارسية فان %56 من مفرداتها عربية او ذات اصل عربي».
ورغم ان اللغة التركية، بعكس الفارسية والعربية والاردية، تستخدم الاحرف اللاتينية، وتعتمد منذ فترة على الاقتباس من اللغات الاوروبية في سك المصطلحات التركية العلمية الجديدة، الا ان القاموس التركي، وبخاصة في المجالات الادبية والدينية، مزدحم بشكل واضح ملحوظ بالكلمات العربية التي كانت اكثر من هذا بكثير، قبل ان يعمد الاتراك الى احلال كلمات ذات جذور تركية محلها، وقد خضعت اللغة الفارسية في مرحلة ما قبل ثورة 1979، لعملية مماثلة لتقليل الاعتماد الواسع على الكلمات والمصطلحات العربية، ويبدو ان الاوضاع قد تغيرت لصالح اللغة العربية في ايران بعد الثورة.
وفي لقاء جرى مع الوفد الكويتي الزائر لطهران في ديسمبر 2013، تحدث د.غلام علي حداد عادل، رئيس مجلس الشورى الايراني السابق، ورئيس المجمع العلمي للادب الفارسي، وقال عن المهام الموكلة لمجمع اللغة الفارسية: «اننا نقوم بتبديل المصطلحات الانجليزية، نحولها حاليا الى اللغة الفارسية، ونعطي مصطلحات في العلم وكل الفنون، وفقط بعد عشرين عاما من تأسيس هذه المؤسسة، وضعنا 40 الف مصطلح فارسي، في هذا المعجم الكبير، وفيه مجلدات تختص بفنون دون فنون، لكننا لا نقوم بتبديل اي كلمات باللغة العربية الى اللغة الفارسية، كما ان لدينا مكتبة كبيرة في طهران، تعرض فيها مختلف المعاجم في العديد من التخصصات، وهناك اكثر من 10 آلاف مرجع بها، لكننا ايضا لا نتعامل مع اللغة العربية مثلما نتعامل مع اللغات الاجنبية الاخرى، فان كانت الفارسية هي لغتنا الام، فإن العربية هي لغة الايمان، ونحن مستعدون للاستفادة من تجاربكم في هذا المجال». (أيام في ايران، مشاهدات اعلامية، المستشارية الثقافية الايرانية في الكويت، 2014، ص110-109).
ولا نعرف الآن كيف ستتعامل اللغة العربية نفسها في المدارس والجامعات والحياة العامة والعلمية، مع ما تعاني من مشاكل معروفة، فاللغات الاوروبية كذلك، كالألمانية والفرنسية والاسبانية، واقعة اليوم تحت ضغوط اللغة الانجليزية ومؤثرات الثقافة الالكترونية والثورة المعلوماتية وغيرها، ولا نعرف من جانب آخر مدى نجاح الكلمات التي تبتكرها المجامع العربية او الفارسية او حتى التركية والاردية.. على الانتشار والصمود!.
بل ثمة مؤشرات بالغة السلبية بشأن انتشار اللغة العربية في كردستان ومدى حرص الجيل الشاب من الكرد على تعلمها، ولاشك ان بعض المسؤولية في تقلص الاهتمام بتعلم اللغة العربية يتحملها العالم العربي، حيث لاتزال حاجة اللغة العربية ماسة الى القواميس المتقدمة، وجعلها مادة شيقة للطلاب على مقاعد الدراسة.. ولمن يتخصص بها في الجامعات. العرب انفسهم يتهربون من التخصص في مجالاتها، والعمل بتدريسها في المدارس!

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك