منصور بن مروي يكتب - 'عايض بن صلهام'

منوعات

6240 مشاهدات 1

صورة تعبيرية

هو : عايض بن صلهام بن ناهي بن دايخ من المجالدة من الشطّر، أكبر إخوته . خاله نمران بن دغيليب بن منديل بن غانم بن معيبد ' من الجعافرة من بني عبدالله من مطير . وأمه ' اليتيّمة ' أخت نمران . تزوج عدة نساء أولهن ' عايضة ' بنت مزيد . وهي أم ابنه الأكبر ' عويض 'وأما ابنيه ' دواس و دويّس ' فأخوالهم حجر وحاجر أبني نمران . وأمهم صالحة بنت ' نمران ' وابنه ' معيض ' أمه 'رشيدة بنت مفند ' من بني عمومته أسرة ' البطين ' . وتزوج عايض إمرأة من المشاريف أنجبت له بنتا واحدة.

وهو رحمه الله خال : سبهان بن ثواب بن مثيب ' وخال : حماد بن تويلي ' وخال : أبناء معيجل بن مزيد . وغيرهم ، وجدٌ لبعض ' عوف ' من قبيلة حرب .
اشتهر بالكرم الغزير والبذل الوفير والعطاء المستمر حتى أصبح مضرب المثل وملجأ الفقراء وعابري السبيل، ومدهلاً للضيوف.
وقديماً قيل : الشيخة أما في سيف ' الشجاعة ' أو في منسف، «الكرم» . وإذا أراد العرب أن يعيبوا رجلاً قالو له : ليس فيك من الإثنتين واحدة. أي : ' الكرم والشجاعة '.

كان عايض رجلا كريما شجاعا وعاقلاً حكيماً بعيد النظر ، سديد الرأي . تربطه علاقات حميمة ببعض شيوخ حرب أهل القرى الذين نالوا حظاً من التعليم ، وكثير من مشائخ القبائل المجاروة ومنهم الشيخ ' أبو ربعة ' من شيوخ حرب . مما أثر في حياة عايض دينيا وفكريا واجتماعيا . فصار متديناً في زمنٍ يسوده الجهل ، لم يذكر أنه سفك دم أحد ، أو أخذ مال أحد وذلك لعلمه بحرمة هذا السلوك المشين . بل كان رحمه الله ينهى بعض أقاربه عن الغزو ولا يوافقهم عليه وكان يمنع من يستطيع منعه أحياناً . وحينما يعود غزاة جماعته من معركة أو يعود بعضهم من سفر بعد مشقة وعناء يتمنون أن يمر بهم الطريق على منازل ' عايض بن صلهام ' لعلمهم بغزارة كرمه وكثرة ماله وحلاله . فكانوا ينظرون إلى الأماكن الواضحة البارزة والبيت الكبير حيث هذه منازله التي تقع على مرأى ومشهد المارة . يرونها على مد البصر . وتجذبهم ليلاً ناره التي لاتنطفيء .
قال فيه مفند بن البطين قصيدة مطلعها :
يا راكبٍ من عندنا فوق ثنتين
وارقابهن مثل الجريد النحايف
تلفي على عايض زبون المخلّين
شوق الهنوف اللي عن النذل عايف

عاش رحمه الله حياة غنى نادرة . صاحب مال وحلال كثير . كان عبده ' سالم ' موكلاً برعاياه وأحياناً يلتحق بعض جماعته بمهمة الرعي لديه بمقابل .علاوة على قيام أبنائه وبناته بهذا العمل . كانت إبله هو وإخوانه مصري وخريص إذا جات من وردها يقوم الرعاة بتوزيع حليبها على المحتاجين ويكفيهم حتى تعود الإبل مرة ثانية بعد يوم وليلة، ثم قام بعزل رعية كاملة للفقراء والجيران في كل ليلتين يذبح واحدة ويوزعها عليهم، طيلة أربعة أشهُر في وقت القيظ، ويذكر الرواة أن عمود مقدمة بيته كان يلمع ويقطر من الدسم إذا اشتدت حرارة الشمس.
و ذات مرة وجد رجلاً يحفر جحر ضب ليطعم به أهله ، فأعطاه خروفاً فذهب به الرجل شاكراً. وإذا أتى الربيع يمنح فقراء قرابته من مواشيه كي يستفيدوا منها فإذا أتى القيظ وعجزوا عن القيام بها أعادوها له ليقوم برعايتها من غير أن يطلبها منهم، وإذا جاء الربيع أعادها لهم. وهكذا .

اشتهر بقول الشعر ومنه هذه الأبيات الدالة على عدة معانٍ سامية يقول :

ماني رديٍ يوم تلفي لحومي

يحط دسمات الشحم في غطاياه

ولا اسهي عن الواجب ليا جا اللزومي

وما تذخر اليمنى عن الروح تلقاه

ويا بنت شومي عن ردي العزومي

لو ان ماحدٍ صابر عن دناياه

ومن الحكمة في شعره:

يا نفس ياللي مالحقنا هواها

ما تنقضي يا نفس حاجات راعيك

كلٍ يموت وحاجته ما قضاها

وليا قضى له حاجةٍ باقيه ذيك

كان من أركان وأعمدة وأعيان قبيلته دون منازع . وعاش أبناؤه على مثل ذلك . وما زال غالبية أحفاده كذلك .
وقد قال أحد شعراء عتيبة في والده صلهام يطلب رد بندقيته التي أخذها أحد ' الصعبة ' قصيدة منها :
وقصيرها صلهام مروي السناني
وابن فرس حامي عقاب الونيات

ولعايض منزلته واعتباره وشهرته الطيبة لدى بني عبدالله . أما السحمان من حرب فله علاقة قديمة حميمة ، تنوعت في الجوار ، والكرم ، وغيرها من المواقف . صديقه الأول : الشيخ ' رشيد بن مهنا ' شيخ السحمان من حرب . تجاور هو وعايض مدة طويلة من الزمن . وبعد وفاته امتدت العلاقة الوفية بابنه راشد بن رشيد الذي أصبح شيخ السحمان بعد وفاة أخيه ' عِوض' . ومما يدل على قوة العلاقة وصدق الوفاء . أن الشيخ ' راشد السحيمي ' فقد جميع ما لديه من مال ومواشي لسبب لا أعلمه . فحل ضيفاً عزيزا عند عائض فقام على الفور وعزل له ولزوجته بيتاً من بيوت إحدى زوجاته ، وعزل بعض المواشي إكراماً له وتقديراً لظروفه وعلاقته واعترافا بواحبه تجاهه . وقام جماعة عائض بالمساهمة في توفير بعض الطعام لبيت الشيخ ' راشد ' وعاش معهم عدة سنوات معززاً مكرماً .
وله موقف كرم مع مجموعة من الحجاج حين تعرّضت إحدى مطاياهم لكسر فأقاموا يومين عند قبيلة الشطر أهل العمق, فقابلهم عائض وأخبروه بكسر مطيّتهم . فسألهم ممن يكونوا فقالوا: نحن ركب من حرب ومن شمر . فقال ؛ هذه ذلولي خذوها واتركوا ذلولكم عندي فإن طابت صارت بدلاً منها وإن لم تطب أكلناها، فأخذوها ورحلوا فقال شاعرهم :
عزالله ان الاد شاطر كريمين
أهل الكرم واهل الوفا والحمية

واخص بن صلهام في العسر واللين
عايض جزانا بالشعيلاء عطية

لجأ إليه أحد المطلوبين من قبيلته فقام بإدخاله فورا ثم وافقه إخوته على موقفه ، وبقي الدخيل بأمانهم حتى ارتحل .
وحين وقع خلاف بين بعض قبيلة عايض وقبيلة الشيخ : ' راشد السحيمي
' قام بعدة محاولات للصلح . بعدها اعتزل الدخول في تلك الحادثة هو وأخويه و جارهم ' راشد السحيمي ' .

لم ينس عايض ويتجاهل أو يحاول الاعتذار عن حقوق الجار . ومن ذلك أنه لم يذهب لربيع نجد تقديرا لظروف جاره الذي لا يستطيع . وفي ذلك يقول :
والله يا لولا الجار يلزى من الجار
ما هو مبدّي صالحه عن نزيله
غب المطر ليشد ما كمّل ' الدار '
وانه لينزل ديرة تستوي له
ما اقابل ' الغضْور 'ولو صار ما صار
ونوّار نجد معشرقٍ في مسيله
من ذاق مخضاره بعد وسم الامطار
عن مدمثه ما هو مدور بديله
----
' نزيله ' : جاره
' الدار ' : دور الأسبوع .
' الغضْور ' : مكان.

كان محباً لجماعته حريصاً عليهم رفيقاً بهم مساعداً لهم على قسوة زمنهم .
ومما قاله في جماعته الذين تفرقوا بحثاً عن الربيع لإبلهم ومواشيهم ويعدد منازلهم :

يا الله يا اللي كل الامّات تنخاه
عقب الفراق تردهم في المرادي
ما كفّت الشعبة على ادناه واقصاه
وماريّع الغرنق ليا اقصى المقادي
حيث انها مدهال أهلنا وترعاه
وعدودها لنزولنا مستعادي

وعن شجاعته وحميته ودفاعه عما يجب عليه . بعد أن قام رجل من عشيرة أخرى بقتل نفس من عشيرة عائض . تحركت همم الرجال فكان لأبناء عمومة النفس المقتولة دور مشكور في البحث عن القاتل على مراحل . وفي المرحلة الثانية . قام عايض وأبناء عمه ' مترك بن شديّد ' و ' صالح بن مجول ' بمحاولة البحث وكان مع عائض شلفا، ومع مترك رمح، ومع صالح بندق، فاتفقوا بعدما راقبوه وعلموا بمكانه الذي كان يختبيء به اتفقوا على استخدام السلاح الأبيض أولاً إذا تمكنوا منه لأن صوت الرمي يجلب الناس عليهم، فراقبوه وهو يمشي في الليل قاصداً مخبأه فلما اقترب من مترك وعايض قام مترك بزرقه بالرمح، ثم أعقبه عائض مباشرة بالضرب بالشلفا وتم قتله . ولم يلجأوا لاستخدام البندق .

ومن طرائف غزله العفيف في فتاة اسمها ' شردا ' من الشطّر كان يريد خطبتها ، هذين البيتين:

يا ليتني طيرٍ و' شردا 'حمامة
واحطها بين الجناحين واطير
اظهر بها عن لابسين العمامة
واعط الهوا حتى تضيع المداوير


قضى حياته عزيزاً مهيبًا غنياً ، لم يتعرض لغزو من أحد لهيبته وشهرته ولمعرفتهم بجلالة قدره ومكانته .
لكن المصيبة حين تعرض لغزو إخوان نجد المتطرفين التكفيريين .. فاجتاحوا كل مالديه آخر عمره ومن كان بجواره من جماعته . هنا تذكر صديقه ' راشد السحيمي ' فرحل إليه ووجد الوفاء والكرم الشديد . وأخذ معهم مدة طويلة . حتى توفي رحمه الله .
في منتصف القرن الرابع عشر للهجرة .
وجميع أولاده توفوا رحمهم الله .
له من البنات : فاطمة ، عويضة ، عايضة ، قطنة ، قطينة . الأولى رحمها الله عند العوفان من حرب والثانية رحمها الله عند الشطر والثاثة عند الشطر . والرابعة عند العضيلات . والخامسة عند الوطابين .

بقلم ؛ منصور بن مروي الشاطري

الآن - منصور بن مروي

تعليقات

  1. اخي منصور لقد تعديت على حقوق الغير فلا سامحك الله فإن الابيات التي ذكرتها اللي فيها يقول الشاعر النفس هاذي مالحقنا هواه........الخ هاذي ابيات جدي عتيق بن طايل بن نفاع الحريبي العمري الحربي من وادي الفرع

اكتب تعليقك