هذا هو سبب تأخرنا عن الركب في معظم الميادين!.. كما يراه تركي العازمي

زاوية الكتاب

كتب 843 مشاهدات 0


الراي

وجع الحروف  /  حكاية..'أرجوك افهمني'

د. تركي العازمي

 

في الأحوال العادية لأي نقاش يجمع طرفين أو أكثر تخضع المجريات ومستوى النقاش لاعتبارات عدة من أهمها معرفة أطراف النقاش بالموضوع وقدرتهم على الإقناع ومستوى الرشد !

وتوافر هذه الأركان الثلاثة ( المعرفة٬ القدرة على الإقناع٬ والرشد) المطلوبة لتبني نقاش مثمر ينتج عنه قناعة تقود إلى قرار من الأطراف المشاركة حول نقاط الاختلاف يسفر عن إصلاح للخل المراد نقاشه وعلى أثره نجني النتائج المثمرة على أرض الواقع!

نحن في الكويت، ابتيلنا بغياب شبه تام لهذه الأركان الثلاثة، وبالتالي لا حلول ملموسة لقضايانا المطروحة للنقاش ليل نهار طيلة عقود مضت، وقد تستمر الحال على ما هي عليه ما لم يأتِ لنا حكماء من أحبتنا لاختيار أطراف تمتلك القدرة على الإقناع مدعمة بالمعرفة وتتصف بالرشد حيث لا مجال للمناورات التنظيرية في نقاش يخص الشأن العام!

نعلم أن المشاريع لا تنتهي حسب الجدول الزمني المرسوم لها تعاقديا، ونعلم أن التعليم من سيئ إلى أسوأ بجميع مراحله٬ والأهم إننا نعلم جيدا أن الأمور في أغلب الأحوال أوكلت لغير أهلها قياديا وهذا سبب تأخرنا عن الركب في معظم الميادين!

هذا ما قلته للزملاء في حلقة نقاشية من واقع تجربة ووفق نتائج بحثية بمعنى المعلومات مثبتة مستوحاة من وقائع مقابلات أجريت مع قياديين من كبرى شركات القطاع الخاص ... وقلت لست أنا من يقول بأن المستوى القيادي يحتاج لمعالجة فورية لأن بعض القياديين تنقصه المعرفة ( يعني ... ما له شغل في طبيعة عمل المؤسسة التي يقودها ) والبعض الآخر مستوى رشده مرتبط بالــ«الواسطة» التي منحته المنصب وتجد سلوكه يسير على أساس «أنا وربعي وبس» والبعض الآخر لا يجيد سبل الإقناع التي يحتاجها أي قيادي مؤثر.

اعترض البعض ... وحاولت أن أكرر «أرجوك افهمني» واستعرض له الأمثلة لمشاريع وقضايا تهم كل فرد كويتي ومع كل مرة أعيد عبارة «أرجوك افهمني» أجد انني في حلقة نقاشية مفرغة أحد من الأركان الثلاثة!

حكاية ... «أرجوك افهمني» تحتاج طرفاً أو أطرافاً تفهم ماذا نقول في ما يخص الجوانب القيادية وكيفية اختيار القياديين وأساس المشاريع وإدارتها وطريقة معالجة الأخطاء المعمول بها في الإدارة الإستراتيجية.

لا ألوم نفسي ... فهذا قدري أنا وكثير من أحبتنا ممن حصن نفسه بالمعرفة٬ ومفاهيم القيادة الصحيحة٬ ولديهم قدرة في الإقناع لو توافر طرف لديه آذان صاغية من شخصية تتسم بالرشد ولديها الرغبة أخلاقيا في الاستماع.

معايشة الوضع ميدانيا تختلف عن الجلوس على طاولة النقاش واحتساء كوب من الشاي أو القهوة .... إنها مختلفة كما ونوعا !

أذكر هنا أن شركة ماكينزي العالمية في تقريرها الذي قدمته للحكومة في عام 2004 ذكرت بصريح العبارة أن الكويت تعاني من ضعف في مستوى قيادييها ... وقد ثبت الأمر معي كنتيجة من إحدى النتائج التي خلصت إليها دراسة الدكتوراه التي طبقتها في الكويت كدراسة حالة!

لذلك، أعتقد بأن إصلاح الوضع في منشآتنا لن يكون في مقدورنا بلوغه ما دامت القيادات الحالية (أغلبها) متمسك في منصبه بكل ما أوتي من قوة متسلحا بنفوذه الذي يدعمه في طبيعة الحال.

لنعلم أن القيادي الذي يأتي بالواسطة بعيدا عن المعايير الاحترافية في حسن اختيار القياديين يبقى أسير من أوصله وإن كان يمتلك بعض المواصفات القيادية لأن اختياره بالأساس بني على خطأ والحصيلة خطأ يدفع ثمنه المواطن البسيط!

إننا نحلم في تغيير عاجل ينتشل البلد من حالة الركود إلى الشغف في تحقيق النتائج بعيدا عن البهرجة الإعلامية من قص شريط أو عبارات إنشائية لا تجد صداها على أرض الواقع.

كنت وما زلت أكرر «أرجوك افهمني» ... لأن المشكلة قيادية أخلاقية بحته وغير هالكلام ما عندي ... والله المستعان!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك