حدود الحرية تنتهي عندما تضرّ الآخرين!.. بنظر فاطمة البكر

زاوية الكتاب

كتب 482 مشاهدات 0


القبس

وهج الأفكار  /  صدمة حضارية

فاطمة عثمان البكر

 

حزمنا حقائبنا بعد قضاء إجازة ممتعة في عاصمة النور والجمال، متوجهين الى عاصمة الضباب، بعد الاطمئنان على احوال ابنائنا، الذين يتلقون دراستهم العليا في أرقى جامعات عاصمة الضباب، براحة نفسية واطمئنان، شكرنا الله أنهم بعيدون عن الأحوال المضطربة في مدن الحزن والألم والجراح والأهوال.

كلنا نعلم أن نظام الدولة في فرنسا، وبعد الثورة الفرنسية، هو نظام علماني يقوم على أساس الأقانيم الثلاثة: الحرية والإخاء والمساواة، وقد طبّقت نظامها والتزمت التزاماً حضارياً في تطبيقه، واجتمعت كل تلك الأسس، واعتبرت، بل واحترمت كل المعتقدات، وعدّت الدين الإسلامي هو الدين الثاني في فرنسا، وعاشت الجاليات المسلمة، الملتزمة بنظام الدولة وحرية الاعتقاد، لا تُمسّ، حتى جاءت الصدمة، حينما تعدت مجلة شارلي هيبدو الساخرة بالإساءة إلى الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- سخرية تمثل (طعنة نافذة) للمسلمين، فأثارت حفيظة كل المسلمين واستياءهم في كل أقطار العالم.. خاصة في هذه المرحلة من الزمان، التي يمر بها العالم الإسلامي من قتال وتطرّف وذبح وتكتلات متطرّفة وغير متطرّفة، كان ينبغي أن تؤخذ في الحسبان، احترام المعتقدات الدينية ينبغي ألا تمس، وحدود الحرية تنتهي عندما تضرّ الآخرين، فاليهود مثلاً وإسرائيل لا يسمحون لأحد بأن يمسّ معتقداتهم ويعتبرونها إساءة لـ«السامية» ويثورون وينتقدون كل من يسيء من قريب أو بعيد لهم.

وهنا وقعت فرنسا في حيص بيص، فنظامها هو حرية الرأي الذي التزمت به، وهناك من يسيء باسم حرية الرأي، وهنا بدأت مرحلة الصراع الحضاري أو التصادم الحضاري، وهنا أيضاً علت النداءات للعودة مرّة أخرى إلى الالتزام، فظروف العصر قد تغيّرت، ومستجدات وتغيرات في العالم أجمع قد حدثت، فلابد من العودة إلى قيام واستحداث «ميثاق شرف إعلامي عالمي دولي» يحد، على الأقل، من التطرق الى المعتقدات الدينية او الاساءة الى الرموز الاسلامية المقدسة.

وكما يقال إن العالم -في الألفية الثالثة- أصبح، بفضل الثورة التكنولوجية الكبرى التي اجتاحت العالم، أصبح قرية كونية، وبفضل ذلك الاتصال وتبادل المصالح الاقتصادية، نسعى ويسعى كل المراقبين والمحلّلين إلى أن يكون عالم اليوم أكثر تقارباً، أكثر اندماجاً، أكثر تواصلاً، أكثر أمناً وسلاماً بدلاً من التصادم الحضاري الذي لا يؤدي إلى التعايش السلمي العالمي.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك