المشهد الخليجي من نافذة سلمان بن عبدالعزيز

عربي و دولي

1313 مشاهدات 0


من يعرف خادم الحرمين الشريفين الأمير سلمان بن عبدالعزيز يعرف أنه منشغل أصيل بقضايا الخليج العربي، حيث تتعدى اهتماماته بالخليج ما تفرضه المواقع الرسمية التي شغلها من ضرورة الاطلاع على دراسات وأبحاث خاصة لاتخاذ قرار ما، بل شملت تطور التنمية والتاريخ والثقافة في الخليج. ولعل خير مؤشر على ذلك أن كرسي الأمير سلمان بن عبدالعزيز للدراسات التاريخية والحضارية للجزيرة العربية بجامعة الملك سعود قد دشن أول أنشطته العلمية التي يفتتح بها برنامجه السنوي الأول بعد تأسيسه 2010م، بطبع ونشر كتاب (تاريخ الخليج العربي والجزيرة العربية في الوثائق البرتغالية).

ورغم أنه نادرا ما يوجد حضور قوي للفكر والثقافة في سيرة أغلب من يمتهن صنع القرار السياسي، إلا أن خادم الحرمين الشريفين –كما سمعت من مثقفين سعوديين- مشهود له بانتقاء القراءات ورقي الحوار وعمق المناقشات في مواضع فكرية عدة. ونتيجة للتقدير الذي يحظى به جلالته كرجل فكر يمكننا الرهان على الاستقرار التام بأجواء الخليج العربي خلال المرحلة القادمة، فأزمة السفراء صارت من الماضي، ولو لم تكن كذلك لما كان الأمير سلمان بن عبدالعزيز على رأس الوفد السعودي في قمة الدوحة في ديسمبر 2014م. وفي تقديرنا أن التحدي الأكبر الذي يراه خادم الحرمين الشريفين من نافذة مكتبة الخليجية يتمثل في المشاهد التالية:

- مشهد الحصار الإيراني على دول الخليج، حيث راحت طهران في التمادي بتحريك الجماعات الموالية لها للإضرار بالمصالح الخليجية، وفرض واقع جديد تكون فيه طهران ممسكة بخيوط القرار في المنطقة، سواء بحزب الله في سوريا، أو بالمخربين من حارقي الإطارات في البحرين، أو بتحقيق أنصار الله الحوثيين السيطرة التامة على الأمور في اليمن.

- مشهد اختلال سوق النفط، وقيادة الرياض لفريق خليجي هو محور صنع القرار في منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك»، وضرورة عدم الخضوع للتهديدات الإيرانية التي أطلقها الرئيس روحاني حين تخلى عن لغة الدبلوماسية وأطلق تهديداً متوعداً به السعودية والكويت، أو الخضوع للضغوط الأميركية التي ترى أن على السعودية ودول الخليج تخفيض الإنتاج لغرض رفع المستوى العام للأسعار البترولية.

- مشهد مواصلة دول الخليج بقيادة الرياض بناء شراكات استراتيجية اقتصادية خارج أسواقها التقليدية، كبناء منطقة للتجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والصين، وهي خطوة يعرفها سلمان بن عبدالعزيز، ففي مثل هذه الأيام من العام الماضي التقى جلالته مع رئيس مجلس الدولة الصيني لي كتشيانغ.

- أما المشهد الأخير فهو وقف العبث الذي تمارسه الإدارة الأميركية الحالية في سياستها مع دول الخليج العربي، ووقف ميوعتها في سوريا، ورضوخها للمبادرات الإيرانية في المسرح النووي واليمني والبحريني. وهو نفس الطرح الذي قاله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لوزير الدفاع الأميركي السابق تشيك هيجل في جدة مايو 2014. فالعلاقات الأميركية الخليجية تاريخية واستراتيجية وأثمن من أن يقامر بها فريق الرئيس باراك أوباما في سوق الانتخابات، عبر ادعاءات الإدارة الحالية بتحقيق اختراقات في العلاقات مع إيران على نفس النهج مع كوبا.

وفي أول كلمة له بعد توليه العرش، تعهّد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بمواصلة السير على خطى أسلافه، حيث نرى أن دول مجلس التعاون عمقها الاستراتيجي، وامتداداً لها، مما يعني التمسك بمشروع الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، التحول من التعاون إلى الوحدة الخليجية.

د. ظافر محمد العجمي- المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك