لا يمكن مساواة 'الشتيمة' بحرية الرأي والتعبير!.. بنظرخالد الجنفاوي

زاوية الكتاب

كتب 677 مشاهدات 0


السياسة

يشتمون بحجة الرأي ويجهشون بالبكاء لاحقاً

د. خالد عايد الجنفاوي

 

تشير الشَتِيمَةٌ إلى السب القبيح, وهي نوع من الإهانة وسوء الخلق الذي يوجهه البعض ضد ضحاياهم, حيث يُمطرون أحيانا بوابل من السب والازدراء وهي بشكل أو بآخر تصرف يخرج فقط من إنسان سيئ للغاية, ولكن يستحيل مساواتها بالرأي الشخصي. يوجد فرق واضح بين رأي ناقد يخرج في نطاق ممارسة حرية الرأي والتعبير, وبين شتيمة وإهانة كرامة وتشويه سمعة الطرف الآخر, فأي عبارة او حتى كلمة توجه لأحدهم بقصد إهانة كرامته الإنسانية أو التقليل من قيمته المعنوية في نفسه أو تشويه سمعته, او التقول عليه بالباطل, ليست “رأياً” ولا من يحزنون.
ليس بالضرورة أن تتمثل الشتيمة في السب الصريح فقط, فكل ما يهدر كرامة الإنسان الآخر ويُحِط من قدره ويقلل من قيمته الأخلاقية يمكن اعتباره شتماً. يسب البعض خصومهم, أو من يعارضونهم الرأي, لأنهم على ما يبدو يشعرون بالغيرة تجاههم أي أن هذا النوع من السبابين يُنفسون عن مشاعر الكبت الداخلية, ويعتقدون أنهم سيعوضون عما يشعرون به من نقص عن طريق بذاءة اللسان وفاحش القول بقصد تدمير شخصية الإنسان الآخر.
إضافة إلى تعبيرها عن الإحساس بنقص الشخصية, تمثل الألفاظ البذيئة والشتائم نوعاً من الجُبن, فلا يمكن لفرد فقد السيطرة على نفسه ولم يعد يتحكم بلسانه وتصرفاته, أن يتحول إلى شخص شُجاع عن طريق سب الآخرين, فمن المؤسف أن يربط البعض بين قدرتهم على إطلاق حزمة متنوعة من الشتائم ضد الآخرين وبين الشجاعة, فليس شُجاعاً من يلتجئ مباشرة لبذيء القول ليعوض فشله في مواجهه الآخر فكرياً ومنطقياً, ومن يزعم أن الشتام يعبر فقط عن رأيه الشخصي في سياق حرية الرأي والتعبير, فهو واهم, فما يشير إليه السب هو الاختلال النفسي والرعب والخوف الكامن تجاه الآخر المختلف.
يملك ضحية الشتيمة بالطرق القانونية المتاحة كل الحق في استرداد ما تم هدره من كرامته, فلا يردع الشتامين سوى مواجهتهم بما يخشونه, فيتهاوى السَّبابون وقت ما يدركون ما جلبوه على أنفسهم من مشكلات وكوارث نفسية واجتماعية, فُينكر البعض ما كتبوه أو قالوه, أو أنهم ببساطة سيُجهشون بالبكاء والنحيب وهو “بكاء شديد أو تنفُّس سريع عنيف متقطع مصحوب بالبكاء ناتج عن انفعال وتقبض تشنُّجي, واختلاجات متتابعة في عضلات الصدر” (المعاني-لكل رسم معنى), مع أنهم لو احترموا حدود الحرية المسؤولة لما اِنْتَهَى أمرهم إلى ما اِنْتَهَى عليه.

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك