الحرب الأهلية في اليمن وقعت بالفعل!.. هذا ما يراه فهيد البصيري

زاوية الكتاب

كتب 646 مشاهدات 0


الراي

حديث الأيام  /  الحرب الباردة على حسابنا

د. فهيد البصيري

 

اليمن ليست كلبنان، وسورية ليست السعودية، وثقافة الشعب اليمني ليست كثقافة باقي الشعوب العربية اليوم. من يعتمد على العامل الديني في اليمن هذه المرة فسيخسر، فالقبلية لا يشق لها غبار هناك.

ويبدو أن الحرب الأهلية وقعت بالفعل ولا نحتاج للتنبؤ بها، ولكنه لم يشتد عودها بعد، والسبب في كل ما يحصل لنا هو سكب الدين على السياسة!

وأنا - والله على ما أقول شهيد - أمقت التقسيم الطائفي لدرجة الغليان ، ولكنني مضطر لذكرها، لغرض التحليل ولأنها لعبة السياسيين المفضلة، وتقول الإحصاءات أن اليمن ينقسم طائفيا إلى قسمين :الشافعية، ويشكلون سبعين في المئة من عدد السكان والزيدية ويشكلون ثلاثين في المئة، أما اليهود والمسيحيون فلم يبق منهم أحد .

ومع أنهم قسموا أنفسهم إلى زيدية وشوافع، إلا أن الاختلاف الديني بينهم لا يرى بالعين المجردة لتفاهته. فالزيدية اقرب في ثقافتها الدينية إلى السنة منهم إلى الشيعة، بل ويختلفون مع الاثنى عشرية في أنهم يقرون، بولاية المفضول على الأفضل أي ليس لديهم مشكلة دينية تاريخية، فهم يقرون بولاية أبوبكر، وعمر وغيرهم من المسلمين، ولكنهم يعتقدون أن علي بن أبي طالب كان أحق بالخلافة . ومن هنا لا تُعد ولاية الفقيه ركنا من أركان الإيمان في فقههم . ولكنهم اليوم وبقدرة قادر يزينون شوارع صنعاء بصور الأئمة وأولياء الله الصالحين.

وهو تحول لم يحلم به أحد إلا الإيرانيين ، فقد عملت إيران طوال السنوات الماضية على دعم الحوثيين وتحويلهم إلى المذهب الاثنى عشري، وبفكر ولاية الفقيه بالتحديد.

وبالفعل بذر الحوثيون نواة دولة ولاية الفقيه في صعدة، وبفضل الإيرانيين تمكنوا من السيطرة على (صنعا)، والحوثيون لا يشكلون سوى عدد قليل جدا، ولكنهم مدربون وتسليحهم حديث، وما سهل مهمتهم، هو أن الجيش اليمني يرتكز أصلا على الزيدية. والقيادات العليا مازالت بيد أنصار الرئيس المخلوع علي صالح، وما زاد الطين بلة أن الرئيس هادي الله يهديه، استمع لنصائح بعض دول الخليج والرئيس صالح، وسمح للحوثيين بأن يتمددوا، فأخذوا راحتهم، وأخذوا صنعا بالمرة، ولأن الرئيس اليمني يعبد ربه وعلى نيته وهادي، فقد كان يأمل أن يستقوي بهم على القاعدة والإخوان عملا بنصيحة الربع، وفي النهاية اكتشف خطأه فصاح (مؤامرة، مؤامرة)، والحقيقة إنه غباء منه ومن صالح الذي لم يفق من حلم الرئاسة. فالحوثيون هذه المرة لم يدخلوا صنعاء للنزهة، بل للسيطرة عليها ومرجعهم في ذلك لا صالح وهادي بل المرجعية الدينية في إيران.

والحوثيون اليوم يحاولون القيام بالدور الذي يقوم به حزب الله في لبنان، أي رأس حربة للنظام الإيراني. وهم يستطيعون ذلك على الأمد القصير بفضل الدعم الإيراني والروسي، فاللعبة في المنطقة واحدة، واللاعبون (همو همو) والأغبياء (همو همو). ولكنهم لن يتقدموا شبرا واحدا إلى الجنوب، فما يهمهم قد حصل فقد أخذوا صنعا واليمن الشمالي، لأنه يقوم على الزيدية ولأنه الأقرب لمضيق باب المندب.

ولكن ليس في كل مرة ستسلم الجرة، فالاعتماد على الحسبة الطائفية في اليمن لعبة خاسرة، ولو كنت في مكان الإيرانيين لما فكرت في الاستثمار بشكل مباشر في اليمن، لأن الإرث القبلي والفقر والثقافة السائدة هناك تهمش أثر الفقه الديني. كما أن المهمة ستكون شبه مستحيلة لأن السيطرة على مضيق باب المندب يعني السيطرة على قناة السويس، وهي منفذ أوروبا إلى الشرق، وليس من الحكمة التحكم في مضيق دولي، وكأن العالم الآخر غير موجود.

ولا شك أن الغرب وبعض العرب ليس لديهم مانع بل ويرحبون ومن يدري ربما خططوا لتوريط اليمن في حرب أهلية، فرب ضارة لنا نافعة لهم، فمن ناحية هي تعد حربا على الإرهاب الذي تمثله القاعدة، والتي تتخذ من اليمن عشا لا تبلغه العقبان، ومن ناحية أخرى هي حرب منهكة للنظام الإيراني والنظام الروسي في الأمد البعيد، لأن الغرب يعيش حالة من الحرب الباردة مع هؤلاء ولكن على حسابنا!

المهم أن الحوثيين اليوم أكلوا الأفعى بسمها، وليس أمامهم إلا طريقان، إما الحرب الأهلية ، أو الحرب الأهلية ! لأن الحروب الأهلية التي تتم بالوكالة لا يملك إنهاءها إلا الوكلاء.

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك