عندما يتساقط حلم أمريكي آخر.. برأي عبدالله الشايجي

الاقتصاد الآن

649 مشاهدات 0

ارشيف

وهكذا يتساقط حلم أمريكي آخر، ليس فقط في بلدان الربيع العربي التي فشلت فيها محاولات التغيير المدعومة من قبل الأمريكان، بل في أمريكا ذاتها، في عقر دارها. لقد استثمرت أمريكا الكثير من أموالها وتجاربها العلمية في استخراج ما يطلق عليه النفط الصخري، وكان ذلك في الواقع محور الخطابات الأوبامية التي كانت تدعو دائما للاستغناء عن النفط العربي، نفط البلاد غير الديمقراطية، في مقابل إسرائيل الديمقراطية، كما كان يتردد دائما وقت الانتخابات الأمريكية. تتساقط اليوم الثورة الأمريكية الجديدة، والتي لم يكمل عمرها الخمس سنوات، ثورة استخراج النفط الصخري: يتم اليوم فصل عشرات الآلاف من الأمريكيين من عملهم ليعودوا لمنازلهم في مختلف بقاع أمريكا، وذلك بعد إعلان شركات النفط الصخري لإفلاسها. أما بنوك وول ستريت فلقد جمدت كل المحاولات لإنقاذ هذه الشركات المفلسة.
كان آباؤنا غالبا ما يحذروننا من اللعب بالنار، أما الأمريكان الذين اعتادوا اللعب بها، فقد أتى اليوم الذي يواجهون فيه اشتعال وجوههم بسبب هذه النار. لقد أصبحت كل الأوراق مكشوفة اليوم: فتحالف أمريكا مع أكبر مصدري الأوبك، بالإضافة لنفط السوق السوداء في البلاد التي اجتاحتها رياح التغيير الأمريكي المدمرة، على ضخ النفط في السوق بسرعة وبكميات كبيرة دون هوادة، كان يهدف لضرب عصفورين بحجر، روسيا وإيران. لقد اعتقد الأمريكان بضرورة معاقبة روسيا على أفعالها في أوكرانيا، ومعاقبة الإيرانيين على عدم تعليق برنامجهم النووي. وبسبب قصر النظر السياسي بدرجة امتياز للإدارة الأمريكية، فلقد حدث ما هو متوقع: تحول سوق النفط الروسي من الضخ باتجاه الغرب للضخ شرقا. لقد تحول النفط الروسي وبكميات لا يستهان بها نحو الصين، اليابان، والكوريتيين. أما الرئيس بوتين فلقد ألغى وبكل شجاعة مشروع ضخ الغاز لدول الاتحاد الأوربي، وبدأ بالفعل مشاوراته مع تركيا لتكون مصبا أساسيا للغاز الروسي، وبهذا يكون قد أنهى الدور الأوكراني تماما في أي حساب مستقبلي، أوكرانيا التي قد فقدت استقلاليتها تماما للأمريكان.
وعلى عكس ما توقعت أمريكا مرة أخرى، فإن إيران لم تصب في مقتل، فلقد تطورت علاقتها بصورة متسارعة مع روسيا لإنشاء محطات جديدة لتوليد الطاقة النووية. أما المرضى السيكوباتيين الذين اخترعتهم ودعمتهم أمريكا لعزل بشار الأسد عن حكمه فلم تفلح جهودهم حتى اليوم، وها نحن نذكر تصريح أحد الجنرالات الأمريكان منذ أسبوع بأنه بعد مرور 4 أشهر من القصف المتواصل لقوات التحالف على المناطق التي تسيطر عليها داعش في العراق لم يتم تحرير سوى ما يقل عن 10 في المئة منها. ما تحقق بالفعل على أرض الواقع هو أزمة نفطية، قنبلة موقوتة، صنعها الأمريكان وحلفائهم انتهت بالانفجار فيهم وعلى أرضهم: عشرات الآلاف من العاطلين عن العمل وتدمير لأسر أمريكية تنتمي للطبقة الوسطى وانهيار للعديد من الشركات النفطية وبنوك لا تعرف كيف تستعيد أموالها. وبشهادة oilprice.com فإن نفقات الصرف العالمي على استكشافات الغاز والنفط ستنخفض بنسبة 30 بالمئة هذا العام. ولمن لا يعلم فإن هذا الانخفاض وبهذا المستوى هو الأول من نوعه بعد انهيار عام 2008.
وهكذا يظل الأفق ضيقا فيما يتعلق بأي معافاة قريبة لأسعار النفط، أما البنوك التي أقرضت فإن خسارتها ستضرب وول ستريت في القادم من الأيام. ذلك ما يمكن لنا توقعه من سياسات متخبطة فاقدة للصلة مع العالم الحقيقي؛ سياسات وضعتها إسرائيل وأشرفت أمريكا وبعض المتخاذلين من العرب على تطبيقها.

 

الآن - رأي: عبدالله الشايجي

تعليقات

اكتب تعليقك