التسريح المفاجئ كما تراه فاطمة البكر بمنزلة قطع للأعناق!

زاوية الكتاب

كتب 476 مشاهدات 0


القبس

وهج الأفكار  /  مواقف النبلاء

فاطمة عثمان البكر

 

لا تقتصر المواقف الانسانية النبيلة على فئة اجتماعية معينة، بل هي مواقف تنبع من الفطرة الانسانية التي جبلت على فعل الخير في كل آن وزمان، وقد حثت كل الاديان السماوية على تزكية هذا الجانب الانساني الفطري، والدين الاسلامي الحنيف حث على تزكية النفس الانسانية المجبولة على فعل الخير، فهو دين الفطرة، ويكفي ان الله سبحانه وتعالى مدح الرسول الكريم بقوله «وإنك لعلى خلق عظيم».
سأروي لكم قصة انسانية عظيمة جرت فصولها واحداثها في فرنسا قبل سنوات إبان حكم الرئيس الفرنسي الاسبق جورج بومبيدو، وهذه القصة روتها لي صديقة فرنسية قريبة من اصحاب هذه القصة.. واحداثها كالآتي: «كان هناك رجل اعمال فرنسي كبير، بدأ عصاميا هو وزوجته، تشاركه وتؤازره في رحلة الكفاح، حتى استطاعا ان يمتلكا مصنعا كبيرا يضم المئات من العاملين من كل الاجناس، وكان المصنع يقع على اطراف ضواحي العاصمة باريس، وازداد عدد العاملين في المصنع عاما بعد عام، وازدادت ارباح المصنع نتيجة تشجيع صاحب المصنع وتحفيزه دائما لجهودهم، مما دفعهم الى مضاعفة تلك الجهود. ومرت السنون...
وبما ان دوام الحال من المحال، فلقد ضربت فرنسا «الازمة الاقتصادية الكبرى» التي ضربت عالم الاقتصاد.. ذلك العالم المتغير، صعودا وهبوطاً، لا يعرف الثبات او الاستقرار الدائم، اغلق الكثير من المصانع وكان من ضمنها مصنع صاحبنا، وحينما علم وتأكد من «الافلاس» واغلاق مصنعه، اصابه الحزن والألم، وطوى حزنه وألمه ولم يخبر «العمال» في المصنع بإفلاسه وانه سيغلق المصنع، وسيشرد المئات منهم. أخذ القطار وجاب فرنسا طولاً وعرضاً يطلب من اصحاب المصانع العاملة ان يأخذوا عدداً من العمال، وكذلك داخل العاصمة باريس في المصانع التي ما زالت تعمل.. وعندما وزع جميع العمال على تلك المصانع من دون علمهم.. أعلن الاجتماع العام مع العمال.. واخبرهم بإفلاسه وانه سيغلق المصنع.. طبعاً كانت الصدمة وكان البكاء والعويل على فقدانهم عملهم.. ولكنه طمأن الجميع بأنه قد وجد لهم «اعمالا» في مصانع اخرى، واخرج قائمة لكل مجموعة للالتحاق بالمصنع الذي اتفق معه.. سادت الطمأنينة وانطلقت الهتافات والشكر الممزوجة بدموعهم على هذا الموقف الانساني النبيل.
وعندما علم رئيس الجمهورية بذلك الموقف النبيل اتصل به وشكره وعينه وزيراً للشؤون الاجتماعية والعمل في اول تشكيل وزاري، فكان الرجل المناسب في المكان المناسب».
هذا هو الدور الانساني النبيل الذي يلعبه ويقوم به رجال الاعمال فلا تسريح مفاجئ، ولا قطع للارزاق الذي هو بمنزلة قطع للاعناق، وما اروع ان تجتمع الانسانية والدور الاجتماعي واحترام حقوق الانسان بأرقى صورها.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك