تصالح الحكومات والشعوب!.. بقلم عبد العزيز الفضلي

زاوية الكتاب

كتب 486 مشاهدات 0


الراي

رسالتي  /  التصالح مع الشعوب

عبد العزيز صباح الفضلي

 

من المهم جدا أن يكون هناك تصالح ما بين الحكومات وشعوبها، من أجل المحافظة على الاستقرار الداخلي، والذي هو أحد العوامل الأساسية التي تعين أي دولة للوقوف في وجه أي أخطار خارجية.

فلا يمكن لأي دولة أن تواجه تهديدات خارجية وظهرها مكشوف، أو وضعها الداخلي ضعيف مهلهل.

انظروا إلى حرص النبي عليه الصلاة والسلام على تقوية الجبهة الداخلية ومراعاة مشاعر وأحاسيس جميع أفراد أمته، كي تبقى هذه الأمة قوية في مواجهة الأعداء، متعاونة في الوصول إلى غاياتها وأهدافها.

في غزوة بدر وقبل بدء المعركة يقوم النبي عليه الصلاة والسلام بتسوية صفوف الجيش وتلمس عصاته بطن أحد الصحابة وهو «سواد بن غزية» فيقول: «أوجعتني يا رسول الله»، فيكشف له الرسول -صلى الله عليه وسلم- بطنه ويطلب منه أن يأخذ حقه، فلم يكن من الصحابي إلا أن ضم النبي وقبل بطنه الشريفة، فيا ترى أي روح قتالية سيشارك فيها هذا الصحابي بعد ذلك الموقف؟

وبعد غزوة «حنين» قام النبي عليه الصلاة والسلام بتوزيع الغنائم على بعض المهاجرين، ولم يعط الأنصار منها شيئا، فحزنوا واعتقدوا أن النبي عليه الصلاة والسلام خص أهله من المهاجرين دونهم، فلما علم بما يدور في نفوسهم وما تتداوله ألسنتهم قام بجمعهم لوحدهم ثم أثنى على الدور الذي قاموا به في نصرة دين الله منذ أن قدم إليهم بعد الهجرة، ثم قال: «لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار»، ثم دعا لهم بالخير حتى ابتلت لحاهم بدموعهم، وأزال ما في قلوبهم من وساوس الشيطان.

تأملوا موقف عمر بن عبدالعزيز بعد توليه الخلافة مباشرة حينما خلع نفسه عن البيعة وقال للناس: «لعلكم بايعتم مكرهين فاختاروا من تشاؤون»، فقاموا بمبايعته مجددا لمعرفتهم بحسن سيرته وصلاحه.

وقد كان عند حسن ظنهم حيث قام بإرجاع المظالم، والعمل على المساواة بين الرعية، وطبق القانون على الجميع وكان أول الملتزمين به.

وبنظرة إلى عصرنا الحالي، لم يكن للرئيس التركي «أردوغان» أن يحظى بهذه الشعبية الكبيرة عند شعبه لولا أنهم لمسوا فيه الحرص على تعزيز الجبهة الداخلية وعدم هضم حقوق الأقليات، وجعل الناس - جميعا - تحت سلطة القانون، وعدم التسامح عند المخالفة حتى مع أقرب الناس إليه، ولذلك استطاع أن يتجاوز أخطارا ومؤامرات عديدة داخلية وخارجية بتوفيق من الله تعالى ثم بالتفاف الشعب حوله.

ولعل ما قام به حاكم المملكة العربية السعودية الشقيقة الملك «سلمان بن عبدالعزيز» من إصلاحات، وما اتخذه من قرارات هي خطوات رائعة وعظيمة في تقوية الجبهة الداخلية للمملكة، فتحسين الأوضاع المعيشية، وإطلاق سراح بعض المسجونين، ورفع منع السفر عن بعض العلماء والدعاة، والسماح لبعض الدعاة بممارسة نشاطه الدعوي مجددا، هذه وغيرها ستقوي الجبهة الداخلية لشقيقتنا العزيزة، وخاصة مع التغيرات الكبيرة التي تشهدها الساحة العالمية والأخطار الأقليمية التي لا تخفى على أحد.

في المقابل أرى أن من الواجب على الشعوب أن تؤدي واجبها تجاه حكوماتها، وهو تقديم النصيحة، وأن يكون الهدف منها الوصول إلى ما فيه تحقيق المصلحة العامة للدولة، لا البحث عن المصالح الخاصة أوالفئوية أو الحزبية، وأداء هذا الواجب بآدابه وشروطه لا يعني بتاتا الخروج على الحاكم أو إثارة الفتنة - كما يحاول البعض تصويره - وإنما هو تطبيق لحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين قال: «الدين النصيحة» فقالوا: لمن ؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم».

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك