لعبة البازل وضبابية الرؤية!.. بقلم وليد الرجيب

زاوية الكتاب

كتب 365 مشاهدات 0


الراي

أصبوحة  /  بازل الواقع

وليد الرجيب

 

كلما فتحت جهاز اللاب توب لأكتب مقالة، تجمّدت أصابعي على المفاتيح فترة تطول أو تقصر، والسبب هو تعدد وتسارع وتشابك الأحداث الإقليمية والعالمية، والتي تنعكس حتماً على الوضع المحلي، فالأحداث تشبه الحلقات التي تشكل سلسلة.

بالنسبة إلى المتابع البسيط، فهو يرى المشهد في سكونه وثباته، ويقرأ سطح الحدث، لكن المتابع المتعمق يرى أن لا شيء يحدث بلا سبب، فهو لا يقرأ النتيجة فقط ولكنه يبحث عن السبب، ويرى المشهد في ترابطه وحركته الجدلية.

لو كنت معلماً في مدرسة، لكتبت سؤالاً للطلبة أقول فيه مثلاً:«اربط بين داعش والقاعدة والنصرة والحوثيين والأسماء المتعددة الأخرى، وبين مجتمعاتنا العربية ومناهجنا الدراسية وحكوماتنا، وبين الولايات المتحدة وروسيا، وتركيا وإيران واليمن وليبيا والعراق، وكذلك زيارة عدد من رؤساء الدول لدولة معينة في فترة معينة، وبين الفساد المستشري والسرقات المليونية والمليارية للأموال العامة، وصراع الديكة وأصحاب النفوذ في بلد معين، وأدواتهم الإعلامية والنيابية، والخصخصة والمناقصات واختيار الوزراء وكبار المسؤولين، وتشديد القبضة الأمنية في الدول العربية، والتضييق على الحريات والهجوم على المكاسب الاجتماعية، وضعف وتفتت قوى المعارضة، وأفول نجم بعضها وبعض الشخصيات السياسية، وصعود نجم بعضها محلياً وعربياً وعالمياً، والأزمة الاقتصادية الرأسمالية البنيوية».

ثم أردف السؤال بـ:«من خلال إجابتك استشرف افاق المستقبل»، سنجد أن الطالب ذا التفكير العلمي الجدلي سيستطيع ربط هذه الأمور التي تبدو متناقضة ومتناثرة، مثل قطع البازل التي تشكل عند جمعها لوحة واحدة، أما الطالب ذو العقل المثالي، فسيجد الأمر غير منطقي بل معقد، لن يستطيع أن يستشرف المستقبل، بينما الأول سيرى المستقبل واضحاً.

استطاعت الولايات المتحدة ودول أوروبا وإسرائيل والدول الإقليمية الكبرى، أن تصنع لعبة البازل فينا وفي دولنا، حتى أصبحت الرؤية ضبابية بالنسبة لكثير من البشر، وبذكاء اللاعب الماهر استطاعت تشتيت أفكارنا وخلط الأوراق وخلق الأوهام.

يجب أن نكون واعين للواقع، ولن تنفعنا مشاعرنا في تفسيره، بل ينفعنا التفكير بعقلية علمية جدلية، ووعي للمعطيات العالمية والعربية، وعلاقة أو انعكاس أو تأثير الموضوعي على الذاتي، هكذا لا تعيق فسيفساء الواقع عقولنا أو تربكها، وهكذا يتبدد الغموض ويتفكك الواقع بسهولة.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك