خليل حيدر يتساءل: هل سيكون تراجع الثروة البترولية بداية الإصلاح؟!

زاوية الكتاب

كتب 514 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  خطوات.. نحو الثراء المستمر

خليل علي حيدر

 

تدهور أسعار النفط قد لا تنجم عنه بالضرورة تلك الكارثة الاقتصادية التي يتوقعها البعض محلياً وخليجياً، على الرغم من حجم التراجع المالي وتقلص الميزانيات.
«هناك عشرات الدول غير النفطية باقتصادات نامية منتعشة مولدة للقيم المضافة وخالقة لفرص العمل لأبنائها»، كما يقول د.علي الدخيل في القبس 2015/1/25 حيث «باستطاعة الكويت التعايش مع سعر برميل منخفض، حتى لو كان 40 دولاراً، كما هي الحال الآن، اي بايرادات تصل الى 12 مليار دينار سنويا، تكفي للرواتب والدعم الرشيد، مع اعادة النظر الجدية في عدد من بنود الانفاق الجاري، ليكون مقنناً في أضيق الحدود، بعيداً عن اي ترف وهدر، على صعيد آخر يمكن الشروع فورا في برنامج خصخصة طموح، يكون بين اهدافه تخفيف اعباء عن كاهل الدولة»، اذ لم يعد ممكناً، كما يضيف، «الاستمرار في سياسات مالية، كالتي عرفناها على مدى عقود»، وقد نجم عن تلك المرحلة ظهور اقتصاد غير كفء، وادارة مترهلة، وجيل من الاتكاليين ممن «قتلت فيهم روح المبادرة والابداع الفردي».
انتشال الكويت والمنطقة الخليجية من ازمة انحدار اسعار البترول بحاجة الى قرارات استراتيجية لا مجرد اجراءات اقتصادية ترقيعية.
- من القرارات المطلوبة تحويل اقتصادات هذه الدول الى بلدان يقوم اقتصادها على تصدير المنتجات الصناعية او الاستثمار، ستغنيه عن النفط وبطر المجتمع الاتكالي الريعي.
- اعادة النظر في السياسة التعليمية، وبخاصة ترسيخ علاقة التعليم بالانتاج الحديث، وبناء العقلية العلمية العملية.
- فتح المجال والفرص للشباب والمستثمرين من غير المرتبطين بالضرورة بمواقع النفوذ السياسي والمالي.
- التصدي الشامل للفساد الذي باتت اشكاله تحاصر ابسط المعاملات الادارية والخدمات، وتهدد مستقبل الكويت الاقتصادي اكثر من تراجع اسعار النفط.
الكويتيون، تقول القبس، «هم الافضل حالا خليجيا وعربيا في مؤشر (البؤس) العالمي لعام 2014 الصادر عن «معهد كاتو» الامريكي للاستشارات الاقتصادية، وترتيبها 92 مقابل سورية الثالثة والسودان!!.
وصنّفت وكالة «التصنيف الائتماني» الكويت في يناير 2015 عند AA-، ومن نقاط القوة التي تمت الاشارة اليها، كما جاء في الصحيفة نفسها، الادارة الحصيفة للثروة التي كدست فوائض مالية كبيرة بلغت نحو %33 من الناتج المحلي الاجمالي لعام 2014، مع مديونيات عامة قليلة، وقدرة على امتصاص الصدمات، مع دخل مرتفع للفرد يبلغ 45 الف دولار في العام 2014، وديون خارجية منخفضة حتى للقطاع الخاص، غير ان الوكالة نفسها اشارت الى نقاط الضعف ومنها تنامي آثار سلبية اعتبارا من العام القادم 2016، اذا استمر انخفاض النفط، ومنها الميزانية الضعيفة بايرادات غير نفطية هزيلة، وانفاق عام كبير لاسيما على الاجور والدعم والمزايا الاجتماعية، وقلة الاستثمارات الاجنبية، وغياب اي مجال اضافي لتوفير وظائف ذات جدوى في القطاع العام مع ضعف القطاع الخاص المعتمد اساساً على الانفاق العام.
من المخاطر المحدقة بالمجتمع الكويتي ومجتمعات خليجية وعربية اخرى الزيادة السكانية العشوائية، ومن وجهة نظر الوكالة نفسها، «فان هيكلة الاقتصاد الكويتي غير مرنة بما يكفي للتأقلم مع تصاعد الضغوط الديموغرافية – اي السكانية – التي ان لم تعالج خلال السنوات القادمة، فقد تنجم عنها قيود خطيرة تصيب سوق العمل».
ويرى الخبير الاقتصادي حجاج بوخضور، ان القطاع الصناعي في الكويت في حالة تضاؤل وفي طريقه الى التلاشي على الرغم من توافر مقوماته الاساسية الكفيلة بجعل الكويت في مقدمة الدول الصناعية بالمنطقة»، موقع الكويت الجغرافي، يضيف، احد اهم المقومات خاصة انه قريب من المناطق الاستهلاكية، «فالكويت لديها موقع ممتاز جدا لقربها من قوى الكثافة السكانية، فهي قريبة من الاسواق مثل ايران والعراق وغيرهما»، بالاضافة الى ان الطاقة متوافرة والايدي العاملة ليست مشكلة وكذا النقل والمواصلات والرساميل وموارد المياه والموانئ والمواد الخام وبخاصة النفط، وكل هذا يؤهل الكويت «لأن تكون بلدا صناعيا، وان تكن تلك الصناعات مساهمة في الناتج المحلي، بما لا يقل عن 40 الى %50.
وعن ارتفاع اسعار الاراضي في الكويت ودوره في تعطيل الصناعة، قال بوخضور في لقاء بصحيفة «الوطن» قبل اقل من عام في 2014/5/27، «ما يتبع اليوم من نظام تقديم الاراضي يُعد خطأ كبيرا ويتسبب في ارتفاع تكاليف الانتاج لان الطريقة التي يتم توزيع الاراضي بها ليس بغرض الصناعة وانما للمتاجرة، فمعظم اصحاب الاراضي الصناعية ليسوا بالصناعيين ولا يقيمون عليها المشاريع وانما للمضاربة والتجارة، وبالتالي تستخدم للاثراء الشخصي وليس من اجل الصناعة».
ونفى بوخضور وجود مكانة للصناعة في الكويت ضمن الخطط التنموية، كما ان الضعف ملحوظ في عدم وجود الانفاق الحكومي في مجال دعم الصناعات المحلية، «فلا يوجد توجه واضح لانفاق يدعم الصناعات المحلية»، وأخيرا، «الكويت لا يوجد بها بحث عملي معني بهذا القطاع اساسا وايضا الاستراتيجيات الصناعية غائبة».
والآن، هل تراجع الثروة البترولية.. بداية الاصلاح للوصول الى الثروة الدائمة الحقيقية؟، ام «مجرد ازمة وتمر» كما يقال دائماً!

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك