فيروس 'البَطَرْ'!.. بقلم خالد الجنفاوي

زاوية الكتاب

كتب 477 مشاهدات 0


السياسة

حوارات  /  فيروس البطر وقلة احتمال النعمة

د. خالد عايد الجنفاوي

 

“وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ” (إبراهيم 34 )
يشير التعريف القاموسي لكلمة “البطر” إلى الوقوع في الكبرياء والمغالاة بالمرح و”الزَّهْوِ” والاستخفاف بالنعم ومجاوز الحد ” كِبْرًا.” أعترف أنني أحد الذين يعتقدون بوجود فيروس البطر, كما أُسَلِّمُ بوجود فيروس للكراهية وضيق الأفق (Virus) أرى أيضاً أنه لا يمكن لأي عاقل ومتمكن من نفسه أن يبطر بنعم الأمن والأمان والمعيشة الكريمة والحرية التي تتوفر له في مجتمعه ويستبدلها بما هو شر وبما هو فتنوي, وبما يدل على طيش واستهتار وعدم اكتراث أحدهم بما أنعم الله عليه وعلى مجتمعه من نعم لا حصر لها يفتقدها ملايين من الناس في عالم اليوم. وإذا كان يوجد فعلاً فيروس البطر فلابد أيضاً أن يوجد تطعيم أو عقار ضده انطلاقا من بديهية وجود الداء والدواء في آن واحد, ومن هذا المنطلق أعتقد أن علاج البطر سيتمثل بالتالي:
لا يمكن للفيروس أن يتكاثر إلا في كائن حي, فعلاج البطر يبدأ بمعرفة الأسباب الحقيقية التي تجعل هذا أو ذاك الفرد ينكر النعم التي يغطس فيها حتى آذانه ويحاول طيشاً استبدالها بالبهتان ونكران الجميل.
ينتقل فيروس البطر من عقل الديماغوجي والمحرض إلى كائن بشري آخر قدم نفسه على طبق من فضة لكل متكبر وجعظري ومتعنت وفتنوي. ولهذا يتم علاج هذا الفيروس بمكافحة التحريض في بدايته قبل أن يتفاقم.
يمكن استخدام تطعيمات تقوي جهاز المناعة الذهني ضد فيروس البطر وتتمثل مجازياً بزيادة وعي الفرد حول طبيعة ما يجري حوله من ضجيج فتنوي مخطط له وتمكنه من حماية نفسه بتأكيد ما هو فيه من نعم وشعور راسخ بالأمن والطمأنينة.
فيروس البطر يعيد إنتاج نفسه, ومن الضروري عزل المصاب بالبطر في حجر صحي وذهني وعقلاني موقت حتى يتم شفائه.
فيروس البطر يشبه إلى حد كبير فيروس السل حيث يكمن في القفص الصدري, لكنه يبقى خاملاً من دون ضرر بشرط أن يستمر يتبع الانسان أسلوب حياة صحي ويحافظ على مناعته عن طريق تذكر ما كان عليه في السابق وما ينوي الديماغوجي والمحرض تحويله إليه.
توجد أنواع مختلفة من البطر, لكنها تتركز حول الطغيان بالنعمة, وبخاصة نعمة حرية الرأي والتعبير حيث يتجاوز البطران كل الحدود العقلانية والمتعارف عليها بسبب عدم تقديره لما بين يديه. 

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك