'عاصفة الحزم' أعادت الحياة إلى أمة قاربت على فقدان الأمل!.. بنظر الحساوي

زاوية الكتاب

كتب 1241 مشاهدات 0


الراي

نسمات  /  عاصفة الأمل في نفوسنا!

د. وائل الحساوي

 

جاء في «الكامل في التاريخ» لابن الأثير:بلغ الخليفة المعتصم ان امرأة هاشمية صاحت، وهي اسيرة في ايدي الروم: وامعتصماه! فأجابها وهو جالس على سريره لبيك لبيك! ونهض من ساعته وصاح في قصره: النفير النفير، ثم ركب دابته... وجمع العساكر فجلس في دار العامة.

وقيل ان المعتصم لما اراد الخروج حذره المنجمون من الخروج وان ذلك طالع نحس، وانه يهزم ويكسر، فلم يلتفت لتخرصاتهم، وعزم على الخروج وغزو الروم، فأظفره الله عليهم. وقد خرج المعتصم على رأس جيش عظيم، يتكون من مئتي الف مقاتل.

واجتمعت كل العساكر بقيادة «المعتصم» عند عمورية، وتحصن اهلها بالابراج، وجعل المعتصم كل قائد من قواده على ناحية من ابراج المدينة، وجعل المسلمون يرمونهم بالمنجنيق، والروم يردون عليهم الضرب، والروم في منعة شديدة داخل ابراج المدينة.

ودار قتال شديد انتصر فيه المسلمون بالنهاية، ودخلوا عمورية لست ليال بقين من شهر رمضان، وتم قتل نفر كثير من اهل الروم المحاربين، كان على رأسهم قائدهم «ياطس».

وقد سقطت عمورية بعد معركة طويلة صعبة استخدمت فيها ادوات الحصار الضخمة الكبيرة كالدبابات والمجانيق والسلالم والابراج على اختلاف اشكالها وانواعها وذلك بعد حصار دام خمسة وخمسين يوما.

وجاء في خبر هذه الموقعة ان المعتصم قتل قرابة ثلاثين الفا من الروم، واسر ثلاثين الفا وسار عائدا الى «طرسوس» في غنائم كثيرة. وقد خلد «ابو تمام» ذكرى هذه الوقعة العظيمة بقصيدته المشهورة والتي جاء فيها:

السيف اصدق انباء من الكتب

في حده الحد بين الجد واللعب

خليفة الله جازى الله سعيك عن

جرثومة الدين والاسلام والحسب

بصرت بالراحة الكبرى فلم ترها

تنال إلا في جسر من التعب

لاشك ان معركة عمورية بالرغم من كثرة تكرارنا لها إلا انها تمثل مفترقا عميقا في وجداننا كلما شعرنا بالضعف واليأس، وقد مثله صرخة المرأة المضطهدة تستنجد بالمسلمين بأن ينقذوها من الأعداء!!

لقد بلغت القلوب الحناجر ونحن نتابع التوسع الايراني على اكثر من جبهة وابتلاع المدن العربية واحدة تلو الاخرى بطريقة مهينة، وتساءل الجميع: لماذا نقبل بالدنية من امرنا ونحن نملك جميع مقومات القوة والتفوق، فنحن نمثل امة المليار ونصف المليارمسلم ونملك اغنى ثروات الارض، ونقدم الدعم لجميع شعوب العالم! ولماذا استسلمنا لشرذمة من اصحاب المصالح والاطماع الذين يقفزون اليوم على سدة الحكم في العالم ويقررون لنا ما يصلح لنا مما لايصلح؟!

لقد كان ملف الازمة في اليمن مثالا صارخا على الظلم الذي وقع على الشعب اليمني، من حفنة من الهمج الذين لا يملكون اي مقومات حضارية او اخلاقية، والذين لايترددون في نقض عهودهم مع الآخرين في كل لحظة، وانما يملكون دعم ايران اللا محدود للهيمنة على البلاد، وقد بذلت دول الخليج جميع ما بوسعها لحل المشكلة سلميا، ولكن شهوة السيطرة والهيمنة اعمت هؤلاء الحوثيين ولسان حالهم يردد...الى ان وصل الحوثيون الى عدن وكادوا يلتهمون اليمن بينما الدول الكبرى صامتة او مؤيدة، فالملف النووي الايراني يمثل اولوية بالنسبة لهم، وارضاء روسيا وايران مقدم على رضا العرب!!

لقد مثل الملك سلمان اول انتفاضة حقيقية لرد الاعتبار للعرب والمسلمين وقرر مع اخوانه قيادات دول الخليج ما يطلقون عليه (enough is enough) وانتفضت دول الخليج بمساندة ثماني دول عربية واسلامية لتحرير اليمن، فكان السيف اصدق انباء من الكتب، وشاهدنا التعنت والاستكبار الايراني ينهار تحت ضربات الطائرات، وشاهدنا الحوثيين وعميلهم علي صالح يستنجدون بالعالم لانقاذهم!!

ان العزة شيء ثمين لا يشعر به إلا من فقده، وان الذل والهوان قيد مهين لا يشعر الانسان بالسعادة من دونه.

لقد ترجمت القمة العربية بالامس تلك الآمال والطموحات الى واقع حين اقرت تشكيل قوة عربية مشتركة لمواجهة التهديدات الامنية التي تتعرض لها دول عربية، فلا شك ان هذا هو اول الغيث باذن الله حيث ترجمت (عاصفة الحزم) ذلك الطموح الى واقع واعادت الحياة الى امة قد قاربت على فقدان الامل.

لقد تبين بأن هؤلاء الاعداء لا يملكون إلا العزف على وتر الخلاف والتناقض بيننا، وأنهم اجبن من ان يواجهوا الحقيقة.

وللحديث بقية بإذن الله...

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك