هل ستقبل إيران التضحية بالأسد؟!.. خليل حيدر متسائلاً

زاوية الكتاب

كتب 756 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  هل ضاعت سورية؟

خليل علي حيدر

 

أي كلمات ترسم اليوم حجم العذاب السوري، في الذكرى الرابعة لثورتها؟ وما جدوى اي كلمة او مقال او خطاب، في حضور هذا الكم الهائل من الدم والموت والدمار والتشرد والايتام والثكالى.. والآمال المحطمة؟ خطوتان في اعتقادي اقدم عليهما النظام، اوقعتا بالثورة كل هذا الضياع والدمار، الاولى، اجبار المتظاهرين وجر المعارضين بالعنف والقتل، للجوء الى السلاح وترك النضال السلمي لتحقيق اهداف التغيير، والثانية خلق الاصوليات المتوحشة والجماعات الجهادية الدموية الموغلة في العنف وفي سحق آدمية الانسان، وعلى رأسها «داعش»، الخطوة الاولى، افسحت للنظام المجال ليجرب مع المعترضين والمتظاهرين والمدن المتمردة والقرى المتهمة بالاعتراض، ابشع اسلحة الدمار، والثانية، غمرت الساحة بقوى مغرقة في الدم والاجرام وجز الرقاب، ومدعومة بخبرة اجهزة حزب البعث في العراق وسورية وتنظيمات الارهاب الدولية، فجعلت العالم ينحرف عن عنف النظام الى عنف خالص لا نظام فيه، وجريمة خالية من اي قانون او رحمة.
كانت حصيلة السنوات الاربع، كما جاء في الصحف في مارس 2015 مقتل 210 آلاف شخص، وفرار 11 مليون شخص من منازلهم من بينهم اكثر من 4 ملايين لجأوا الى الخارج، واعداد كبيرة من المفقودين والسجناء السياسيين، وارتفاع قيمة الدمار الى مليارات يصعب حصرها الآن بدقة، ورغم ذلك، تبدو فرص نجاة الرئيس بشار الاسد من الازمة السياسية اكبر من اي وقت مضى، اذ يقول تقرير لوكالة رويترز «ان الحرب اضعفت بشار الاسد لكنه لايزال اقوى من المجموعات التي تقاتل من اجل الاطاحة به، ولاتزال هناك دول قوية ترغب في رحيله لكنهم لم يظهروا العزيمة التي يظهرها حلفاؤه – ايران وروسيا – الذين يستمرون في الوقوف الى جانبه.(الشرق الاوسط، 2015/3/11).
ان اتاحة المجال لآلة القتل السورية لتفتك بالناس، وتدمير الحراك السلمي الذي انطلق في بداية 2011، غذت كذلك ظهور ونمو التنظيمات المتطرفة وفي مقدمتها داعش، ويرى الياس حرفوش ان «ما وصلنا اليه اليوم، بعد اربع سنوات على هذه الجزيرة المفتوحة، هو نتيجة التقاء العجز الدولي، والامريكي خصوصا، مع وحشية النظام السوري» (الحياة 2015/3/15).
ينتقد روبرت فورد، السفير الامريكي السابق لدى سورية بلاده ويقول: «يعتقد الامريكيون حاليا ان تنظيم داعش يمثل اكبر مشكلة في سورية، ويتجاهلون ان عدد السوريين الذين قتلوا على ايدي نظام الاسد، اكبر من الذين قتلوا على ايدي داعش»، وينتقد السفير فورد المعارضة السورية كذلك التي «لاتزال مترددة في ادانة اعمال العنف الوحشية التي ارتكبتها الجماعات الارهابية».(نفس الصحيفة).
وفي صحيفة الحياة نفسها، كتب على العبدالله، ان المعارضة انهكتها الصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية، فيما خسرت كتائب الجيش السوري الحر «ثقة الحواضن الشعبية وتأييدها نتيجة الفوضى والممارسات غير المسؤولة وتراجع الدعم، ما اتاح لجبهة النصرة مهاجمة جبهة ثوار سورية وحركة حزم والقضاء عليهما والسيطرة على ريف محافظة ادلب، وطغت على السطح، نتيجة لهذا الوضع، الخلافات القومية والدينية والمذهبية».ويقول عمر قدود ان الثورة لم تفكر مليا في تجربة العسكرة ومشاكلها، وقد «سمحت للعديد من امراء الحرب بالظهور والتنمر على مبادئ الثورة نفسها، ولا يتوقع من هؤلاء المتنمرين الانصياع لمتطلبات الديموقراطية في حال سقوط النظام».
لماذا فشلت المعارضة المقيمة خارج سورية في تأسيس مؤسساتها، تتساءل الكاتبة السورية غالية قباني، ويجيبها د.برهان غليون، اول رئيس للمجلس الوطني السوري، بذكر سببين! «اولا لانها ليست معارضة تمثل قوى اجتماعية واضحة وتمتلك الحد الادنى من الانتظام الفكري والساسي والاداري والخبرة، وانما هي مجموعات محدودة وافراد عاشوا غالبا في الحصار والعزلة»، وثاني العوامل وراء هذا الفشل ان «شبه المعارضة» هذه كما يقول د.غليون، «اصبحت تتصارع للسيطرة عليها وعلى اجهزتها الوليدة، بدل ان تتوحد ضد عدوها الحقيقي، ولم يقبل كثير من افرادها، ان لم يكن معظمهم، ان يكون مثقف واكاديمي في موقع القيادة، واعتبروا ذلك اغتصابا لحقوقهم، والحال ان سبب النجاح في انشاء اي مجلس وطني هو توافر قيادة من خارج صفوف المعارضة التقليدية وبعيدة عن نزاعاتها وحساسياتها الطويلة»، وهكذا دخلت المعارضة قطاعات هائلة من الشباب السوريين الا ان المؤسسات «التي شكلتها المعارضة على عجل»، لم تستطع احتواءهم، وتساءل قباني: هل ضاع الملف السوري دوليا اذن بين قضيتي داعش ومباحثات النووي الايراني، وهل زمان انقاذ سورية قد فات الآن؟ ويجيب د.غليون بكل ما يشعر به من يأس: «بل ضاعت سورية بأكملها لانها حرمت من القيادة، فلا الاسد الذي يقتل شعبه بالسلاح الكيماوي، ولا المعارضون الذين يضيعون وقتهم في عض بعضهم بعضا والمهاوشة.. ان انقاذ سورية يحتاج قبل اي شيء آخر الى قيادة تنتزع الملف السوري وقضية السوريين من الايادي الكثيرة التي تتلاعب بها».(الشرق الاوسط 2015/3/15).
المعارضة السورية ومقاتلوها في نزاع آخر مع ايران وحزب الله والدعم الروسي الشامل لايران وسورية، ويشير الاعلامي عبدالوهاب بدرخان الى مأساة الخلافات بين اطراف المعارضة، «بعد اربع سنوات من خيبات الامل»، و«بعد التناحر والتنافر بين شخوصها على الرغم من هول الكارثة»، ولكن حتى لو تحررت سورية من النظام، يضيف بدر خان، ف«الحرب التالية تحرير سورية من الاحتلال الايراني».(الحياة 2015/3/12).
ان روسيا، يقول استاذ العلوم السياسية في جامعة باريس، د.خطار ابو دياب، «لاتزال تحاول تعطيل اي حل في سورية، فيما تعتبر ايران ان دمشق جزء من مشروعها الاقليمي، لذلك ورغم الوضع المالي الصعب في ايران والازمة الروسية مع اوكرانيا، يبقى الشعب السوري هو الضحية»، ويرى «فايز سارة» ان المشاركة الايرانية في حرب النظام على جبهة درعا – القنيطرة، سجلت نقطة تحول كبيرة في الدور الايراني من خلال حضور ايران الواضح في التخطيط والتنفيذ وتحديد اهداف الحرب، ويضيف ان العلاقات السورية الايرانية بدأت عام 1979 مع الثورة الايرانية، عندما «فتح نظام الاسد ابواب البلاد للوجود الايراني عبر ثلاثة مسارات، اولها مسار العلاقات الرسمية، وشمل علاقات سياسية واقتصادية وثقافية مميزة، وفي المسار الثاني، فتح الايرانيون بوابة علاقات مع النخبة السورية بتخصصاتها المتنوعة، وركزوا في صلاتهم على النخبة المرتبطة بالنظام»، اما المسار الثالث، يختتم سارة تحليله، «فعبرت عنه سياسة التسلل الايراني الى العمق السوري، وتشاركت في هذا المسار عشرات من المؤسسات الايرانية، ولاسيما المؤسسات الدينية والثقافية والسياحية وعشرات الحوزات الدينية، وفي هذا المسار نشطت عمليات تشييع لسوريين واقامة مراقد شيعية، وشراء عقارات في المناطق السكنية والتجارية».
الولايات المتحدة نفسها تحاول الاستفادة من هذا النفوذ الايراني في سورية، فهي اي امريكا «لا تريد انهيار الحكومة السورية والمؤسسات التابعة لها لان من شأن هذا الامر ان يخلي الساحة للجماعات الاسلامية المتطرفة»، ويقول احد المختصين في السياسة الدولية ان ادارة الرئيس «اوباما» تراهن على الاتفاق القادم مع ايران، كي يتجاوب مسؤولوها في حل الازمة السورية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستقبل ايران التضحية بالاسد؟ ثم ان الاستراتيجية الامريكية ضد تنظيم دولة داعش الاسلامية، في تحليل لرويترز، «تقوم على هزيمته في العراق اولا، اما في سورية فتقول واشنطن ان الامر يتطلب على الارجح سنوات عدة، قبل ان يتمكن مقاتلو المعارضة المعتدلة من احراز تقدم ضد الاسلاميين المتطرفين».
ماذا عن آلام الناس وعذابات الشعب السوري منذ 2011.. مرورا بالسنوات المقبلة؟

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك