اليمن المنسي تحول فجأة إلى حائط مبكى!.. بنظر صالح الشايجي

زاوية الكتاب

كتب 384 مشاهدات 0


الأنباء

بلا قناع  /  مواطنون في مذهب

صالح الشايجي

 

اصطفاف الناس في تكتلات فئوية متعددة ومتباينة وأحيانا متناحرة، هو أمر له مسبباته وله دوافعه التي لا تقع من ضمن مسؤوليات أولئك الناس المتكتلين، بل هم ضحاياها وهم الذين يدفعون الثمن ويحصدون الشوك.

حين انطلقت الثورة الشعبية في ايران عام 1979 كنا معها قلبا وقالبا، من منطلق حرصنا على حريات الشعوب وسيادتها وصون سيادتها، ولكون ايران بلدا جارا لصيقا جغرافيا وثقافيا بنا نحن العرب وبالذات عرب الخليج والجزيرة، والذين لم نكن مع ايران الشاه على مايرام وبالذات بعد احتلاله الجزر الإماراتية الثلاث.

وكان منطلقنا في تأييد تلك الثورة، من كونها ثورة شعبية إيرانية لا هوية دينية أو مذهبية لها، بل كنا مطمئنين لكون من كان يرعى هذه الثورة على البعد ويغذيها بالحطب والزيت حتى تبقى نارها مشتعلة وقادة، هو رجل دين مسن ويحظى بمكانة التبجيل والتقدير عند الناس.

فكان وجود رجل الدين «الخميني» عامل اطمئنان ومحل ترحيب، ولم نكن ننظر الى الأمور من زاوية مذهبية، فحينذاك ما كانت المذاهب تنطق على ألسنة أهلها بل كانت عقائد مكانها الصدور، وكان الاحترام للمذاهب ليس محل نقاش أو جدل.

وكان ظننا أن ايران ستتحول الى جمهورية مدنية، شأن الجمهوريات القائمة في العالم، ولكن الأمور جرت على غير الهوى والمشتهى، فتسلم الخميني السلطة ولف ايران بعباءته، وكان أول أهداف الثورة المعلنة هو تصديرها الى الخارج، وبدأت مساعي التصدير.

من هنا ابتدأت الانشقاقات، وراح الناس يتمذهبون، وكلما تشدد هذا في مذهبيته، زاد الطرف الآخر في مذهبيته.

وسرت نار المذهبية في الهشيم العربي، وصار الشعار هو: «وكل ما يفعل المليح مليح» ويقابله «كل ما يفعل القبيح قبيح»!!

هذه النار وقودها الناس البسطاء، الذين ألجأتهم الظروف الى الالتجاء بالمذهب، لما غابت الدولة وذاب الوطن.

زعق الخطاب العنصري البغيض أثناء الحرب العراقية الإيرانية وجلجلت به أبواق صدام حسين الدعائية، وصرنا نسمع «فرس» «مجوس» ثم تحول الخطاب الى المذهبية، حتى وصلنا اليوم الى ما نحن فيه.

اليمن المنسي السادر في الفقر والجوع والنزاعات القبلية، تحول فجأة الى حائط مبكى، والسبب في البكاء، هو الانتصار للمذهب وليس الانتصار للمبدأ ولحرية الشعب وقانونية الدولة.

لا ألوم الناس ولكن ألوم من ساق الظروف في هذه الاتجاهات التي جعلت الناس يتمذهبون وينسون أنهم مواطنون في دول، وليسوا مواطنين في مذهب!

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك