عن قوة العادة الاجتماعية!.. يكتب وليد الرجيب

زاوية الكتاب

كتب 400 مشاهدات 0


الراي

أصبوحة  /  قوة العادة الاجتماعية

وليد الرجيب

 

أنا من المؤمنين بأن لباس الإنسان،رجلاً كان أم إمرأة، هو حق شخصي وحرية اختيارية، طالما كان ذلك الخيار لا يشكل شذوذاً وابتذالاً بالمعنى الأخلاقي، فكثير من الناس في المجتمعات البشرية، يختارون طريقة لباسهم لسبب رئيسي هو العادة الاجتماعية.

ففي أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، كان لباس البدلة دليلا على ثقافة الرجل وتحضره، وهناك أمثلة كثيرة لأسماء مشهورة، مثل المرحوم الأستاذ عبدالعزيز حسين والمرحوم الأستاذ حمد الرجيب والأستاذ المرحوم راشد ادريس والدكتور أحمد الخطيب أطال الله في عمره وغيرهم، ناهيك عن أن المدرسين من الكويتيين والطلبة مفروض عليهم لبس البدلة، والبعض منهم تخلى عن البدلة مثل حمد الرجيب وراشد ادريس، واستبدلوها باللباس الوطني تحت الضغط الاجتماعي أو العادة الاجتماعية، علماً بأن أغلب الرجال يلبسون البنطلون في أسفارهم.

بل ينطبق هذا على النساء، فعلى سبيل المثال في مصر، قامت هدى شعرواي ونبوية موسى وصفية زغلول، بخلع الحجاب على اعتبار أنه عادة اجتماعية، ليست مرتبطة بالدين سواء الإسلام أو اليهودية أوالمسيحية، حيث كان يفرض على اليهوديات والمسيحيات لبس الحجاب، وما زالت بعض النساء المسيحيات واليهوديات يضعن حجاباً على رؤوسهن في دور العبادة، لكن الديانتين لم تفرضا ذلك في كتابيهما المقدسين، بل كانت المرأة تضع الحجاب حتى قبل الديانات السماوية.

وفي الكويت أيضاً التي دار فيها منذ منتصف القرن الماضي، صراع بين التقاليد والعادات والمدافعين عنها، وبين دعاة رفض التقاليد والتحرر منها، وبعد ما سمي بالصحوة الدينية في ثمانينيات القرن الماضي، انتشر الحجاب في الكويت بين النساء وحتى الفتيات الصغار بالسن، وتحجبت الكثير من النساء إما اعتقادا بهذا الأمر وإما رضوخاً اجتماعياً.

وبحكم مهنتي تزورني بعض الفتيات والنساء، اللواتي يردن خلع حجابهن لكنهن يخشين حكم المجتمع، حيث إنهن يقلن لي إنهن يعرفن أن الحجاب ليس فرضاً دينياً، لكن صعوبة خلعه تكمن في نظرة المجتمع لهن.

ويقول الشيخ محمد عبده قبل أكثر من مئة عام: «لو أن في الشريعة الإسلامية نصوصاً تقضي بالحجاب على ما هو معروف الآن عند بعض المسلمين، لوجب علي اجتناب البحث فيه ولما كتبت حرفاً يخالف تلك النصوص، لأن الأوامر الإلهية يجب الإذعان لها بدون بحث ولا مناقشة، إنما هي عادة عرضت عليهم من مخالطة بعض الأمم فاستحسنوها وأخذوا بها وبالغوا فيها، وألبسوها لباس الدين كسائر العادات الضارة التي تمكنت من الناس باسم الدين والدين منها براء».

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك