لماذا نصمت على سرقات وانتهاكات المنتفعين؟!.. يتساءل وائل الحساوي

زاوية الكتاب

كتب 426 مشاهدات 0


الراي

نسمات  /  لا تتركوهم يسرقون رأسمال الأجيال!

د. وائل الحساوي

 

تصور لو ان الحكومة قد سمحت للبقال بأن يفتح صيدلية ويبيع فيها ما يشاء من ادوية، وسمحت «للبنشرجي» بأن يقوم بتدريس الهندسة في الجامعة، وسمحت للمزارع بأن يمارس مهنة الطب!! كيف سيكون حال العالم؟!

لاشك بأننا جميعا نرفض الهيمنة على نشاطات الدولة من غير المختصين ونعلم بأنه يعني الدمار والفوضى، ولكن لماذا نجلس صامتين امام سرقات وانتهاكات يمارسها البعض تحت مسمى التنفيع؟!

أذكر بأن أحد الاخوة اصطحبني مرة الى مزرعة للابل وشعرت حينها بسعادة فسألته عن سر الحصول على تلك الارض التي تزيد على 2700 متر مربع فقال لي: المسألة هينة، يمكنك استئجار رأسين من الابل (وتسمى الذلول) والمشاركة في مسابقات الابل في مضمار السباق المجاور عن طريق تأجير من يقوم بتلك المسابقة او استخدام الرجل الآلي الذي يقود الابل، وبعد فترة تستطيع التقديم على مزرعة للابل دون ان يكون لك اي مشاركة حقيقية !!

بالطبع فإن الامر يتكرر في مزارع البقر والغنم والحيازات الزراعية واماكن تربية النحل، وهكذا سطت قلة من المواطنين على الاف الكيلومترات المربعة من تلك الحيازات المهمة دون ان يكون لدينا اي مشاركة حقيقية في تنمية الثروة الحيوانية او الزراعية ! وللاسف ان يتم ذلك تحت سمع وبصر الحكومة بل ومباركتها وتوزيع الثروة من خلالها !!

جزى الله خيرا مجلس امتنا الذي حاول وضع حد لتلك السرقات في الحيازات الزراعية عن طريق تعديل قانون هيئة الزراعة والثروة السمكية، الذي يهدف إلى خفض مدة الانتفاع بالحيازة الزراعية او الفترة التي يسمح بعدها ببيعها بحيث تضمن الاستغلال الامثل لها او ارجاعها الى الحكومة لتوزيعها على آخرين.

لقد تم التصويت على القانون في مداولته الاولى وتنفسنا الصعداء ولكن شعر اصحاب المصالح بمدى خسارتهم ان تم اقراره في المداولة الثانية التي ستتم اليوم، وتحركت لجنة المرافق لتخفيض مهلة بيع المزارع والتنازل عنها الى سنتين بدلا من ثماني سنوات، لكننا على يقين بأن المجلس سيرفض تلك التعديلات وسيصر على اقرار القانون في مداولته الثانية بإذن الله.

لكن يبقى بأن ذلك القانون المهم سيظل حبرا على ورق ما لم تتدخل الحكومة لفرض تطبيقه على الجميع بالطبع فإن البعض سيجادل بأن كثيرا من اصحاب الحيازات القديمة قد دفعوا اموالا كثيرة لشراء حيازاتهم من مواطنين اخرين، وسيجادل اخرون بأن التطبيق يجب ألا يقتصر على الحيازات ولكن كذلك على الشاليهات التي هي ملك الحكومة وليس لأصحابها.

ان اهمال حل المشاكل وتركها، يزيد في تفاقمها، ولكن لابد من تطبيق القانون ومن ثم السعي لمعالجة اثاره السلبية المترتبة وإلا فإننا سنجد بلدنا وقد تقسم على مجموعة من المواطنين ولم يبق لمن يأتي بعدهم إلا الحسرة على ما فاتهم!! والأهم هو أننا سنجد بأننا لا نستطيع تحقيق اي خطة للتنمية الحيوانية والزراعية وغيرها لأن الاراضي المخصصة لذلك قد تم ابتلاعها وتوزيعها على مجموعة من المواطنين الذين حولوها الى منتجعات ومنتزهات فيها كل شيء عدا ما خصصت تلك الاراضي له !!

استثمار الأجيال القادمة

رفض عمر بن الخطاب رضي الله عنه تقسيم الارض التي فتحها المسلمون على الفاتحين، ولما استنكر عليه البعض قال لهم: وماذا اقول لمن يأتون بعدكم إن سألوني ماذا أبقيت لهم !!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك