عن أسوار الكويت وتشويه تاريخ البلد!.. يكتب وليد الغانم

زاوية الكتاب

كتب 1590 مشاهدات 0


القبس

أسوار الكويت فخر واعتزاز

وليد عبد الله الغانم

 

قال لنا الوالد رحمه الله (عبدالله بن ناصر الغانم) إنه لم يكمل عشر سنوات عندما شارك مع أعمامه وأهل الكويت قاطبة في بناء سور الكويت الثالث سنة 1920، حيث كان يقوم هو وشقيقه (عمي غانم) بمناولة الرجال الطين وأسطل المياه ومواد البناء وهم يبنون سور الكويت الرائع، لبنة فوق لبنة، حتى اكتمل هذا البنيان المهيب في مدة وجيزة.
لم يكن هذا الإنجاز متميزاً في سرعة اكتماله وبنائه فحسب، بل في ظروف إقامته في الحر والقيظ والتي توسطها شهر رمضان المبارك، فلم يتوقف الناس عن العمل ليتموا بنيانهم الحامي للوطن بإذن الله، كما أن روعة المشهد تمثلت في مساهمة كل أبناء الوطن في تشييد السور الثالث بأنفسهم وأيديهم وبأموالهم ودوابهم، كل بقدر ما يستطيع، فلما علا هذا البنيان كان بحق قطعة من جسد وروح كل كويتي عاشق لوطنه.
في الجزيرة العربية كان من ضرورات حماية المدن والقرى بناء القلاع والقصور والأسوار، وإذا اطلعت على تاريخ إمارات الخليج من عمان وحتى الكويت مروراً بوسط نجد، لوجدت أن كل دولة أقيمت خلال القرون الأربعة الماضية تحصنت بتلك المنشآت الاحتياطية والضرورية لردع الاعتداءات من الآخرين، مثل: قصر برزان في حايل، وقصر صاهود في الأحساء، وقصر المصمك الرياض. وأما الدول التي لها حدود جغرافية، مثل البحر والجبال، فتبني الأسوار، مثل مسقط والكويت والدرعية وغيرها. وكان رجال الكويت ينشغلون في أسفارهم البحرية شهوراً طويلة، فلا يكاد يبقى في المدينة أحد إلا قليل، فكان من الطبيعي أن تؤمن البلاد موقعها بالسور الذي يحميها من الغادرين والمعتدين.
قال الدكتور ماليري في مذكراته*: كان بناء هذا السور آية في التنظيم، واستمر العمل طوال الصيف اللاهب، وكان إنجازاً رائعاً. وقالت الطبيبة كالفرلي: قد جند للعمل فيه كل ذكر من السكان، وانكب الناس بحماس واندفاع كبيرين، حتى النساء لا حديث لهن إلا عن الخطر والسور الذي يشترك رجالهن في بنيانه.
هذا تاريخ شعب ومسيرة وطن، يعلو على هامة كل من أراد الإساءة إليه. ولما بنى الأولون أسوار الكويت أرادوا منها وحدتهم واجتماعهم وحمايتهم، ومن المؤسف أن يتخذ البعض هذه الأسوار علامة على العنصرية أو لتشويه تاريخ البلد... والله الموفق.

* راجع كتاب سور الكويت الثالث في وثائق الحميضي والخالد - أ.د. عبدالله الغنيم. 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك