ثقافة القوة والانتقام!.. بقلم خالد الطراح

زاوية الكتاب

كتب 424 مشاهدات 0


القبس

من الذاكرة  /  'الانتقام' القانوني!

خالد أحمد الطراح

 

حين يتحدث قاض مخضرم، مخاطباً المواطنين والوافدين من خلال الإعلام، فهذا يعتبر حديثاً بمستوى النصيحة الصادقة، يهدف إلى التنوير ونشر الوعي بين الناس ككل بخصوص التقاضي.
حديث سعادة المستشار محمد بن ناجي رئيس محكمة الاستئناف، الذي نشرته القبس أخيراً، هو بالفعل حديث القلب المفتوح والصريح جداً بشأن حجم ونزعة التقاضي أو «ثقافة القوة والانتقام».. حديث صحافي متشعب وعميق يحمل رسائل صريحة وملاحظات هادفة، خصوصاً في ما يتعلّق بازدحام المحاكم بقضايا كان من الممكن حلها خارج المحكمة.
لا شك في أن ظاهرة انتشار «ثقافة الانتقام» والرغبة في تدمير الطرف الآخر عبر نافذة القانون والمقاضاة ظاهرة خطرة تمس المجتمع بكامله، وتستدعي الاهتمام من جانب المعنيين بالشأن القانوني بالدرجة الأولى.
تعددت أسباب ودوافع التقاضي والنزاعات القانونية خلال عشرات السنوات الماضية، منها تفاقم مستويات الجريمة وانتشار العنف والمخدرات، وكذلك حب «التبلي» على الآخرين، واستغلال البعض لسلطات وصلاحيات منحت لهم بحكم مناصبهم، إضافة إلى تسمم المجتمع بأصحاب النفوذ وتفشي الفساد السياسي والمالي!
ليس من المستغرب أن تشهد المحاكم ضغطاً غير مسبوق، وليس من المستغرب، أيضاً، «التوسع» في دوائر القضاء، علاوة على المعاناة من القصور في كثير من التشريعات، وفي مقدمتها استقلال القضاء.
لدينا اليوم، للأسف الشديد، عدد من قضايا أمن الدولة ومعتقلين لأسباب سياسية في غالبها، وهي حالة استثنائية تعيشها كويت الديموقراطية! لدينا، أيضاً، قضايا من عدد كبير من القضاة الذين لم يجدوا حلاً منصفاً لمعاناة إدارية ومالية طويلة! قضايا لا شك في أنها تزيد من الضغط في المحاكم.
التصيد على الآخرين ومقاضاتهم أصبحا هدفاً لمن لا يستطيع التعايش مع حرية التعبير وتقبل الرأي الآخر، ويبدو أن من ملك المال أو النفوذ أصبح مهيمناً على الساحة!
كل هذه التطورات لا بد أن تؤدي إلى صدى سلبي في المجتمع، وتحفز البعض على استغلال القصور التشريعي والثغرات والظروف في مقاضاة من يشاؤون، ووقتما يختارون!
هنا تكمن أهمية استعجال إقرار قانون استقلال القضاء لمصلحة مرفق القضاء، وأيضاً كضامن للحريات، وحماية الحقوق الدستورية، وفرض الالتزام في المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك