تجاوزات الكبار أشبه ب 'شخبطة' الصغار- يكتب تركي العازمي

زاوية الكتاب

كتب 517 مشاهدات 0

تركي العازمي

بعد مقال الجمعة «بيئة التجاوزات المرتكبة..؟» كان الحديث عن تجاوزات الكبار ممن تجاوز بعضهم سن الرشد ولا عجب ولا اعتراض على ذلك لأن «البيئة» التي ترعرع فيها «الصغار» هي الأساس في تشكيل شخصية رجل الغد الرشيد وأعني من تجاوز سن الأربعين: «عارف كيف»؟

كم كنت أتمنى أن تعود بنا الأيام إلى أحلام الطفولة و«شقاوة» الصغار حيث التجاوزات تحمل في طياتها ملامح البراءة فلا تجد «الخبث» ولا «التجاوزات المرتكبة» عن عمد دون عقاب لفاسد واحد!

صغار كنا نحلم في التفوق... ندرس ونتربى على يد معلمين كبار كان الرشد يعني لهم الكثير... نجد العقاب إن قصرنا ونجد المكافأة إن أحسنا.... وإن تفوقت «دور على واسطة»!

أما اليوم فحتى الصغار تلوثت أفكارهم بسلوكيات الكبار فضاعت مفاهيم التربية وانعدم نوعا ما التعليم إلا ما ندر.

تجاوزات «الصغار» المرتكبة آنذاك في جيل السبعينيات كانت مختلفة شكلا ومضمونا... فهي كانت٬ أي التجاوزات٬ تجد من يردعها في حينها وكانت السرقة حراما، وقلة الأدب عيبا٬ واحترام الكبير سلوكا معمولا به فيا ليتهم يعودون بنا إلى تلك الحقبة الزمنية من باب البحث في التغيرات التي طرأت على تركيبتنا الثقافية الحالية!

صحيح أن البعض من «ربعنا» كبير في مقياس العمر لكن سلوكه لا يسلكه «الصغار» في ذلك الزمن الذي كلما عبرت الذاكرة خلاله تشعر بأن تراكمات الأخطاء لم تجد من يوقف مدها إلى أن أصبحت جزءاً من ثقافتنا الحالية حيث لا أدب ولا تعليم ولا خلق مؤسساتي.

وصحيح ما يقال بأن «كلام في الماضي نقصان في العقل»، لكن لا سبيل أمامنا سوى «الترحم» على ملامح الماضي الجميل!

يا سيدي لا يوجد خطأ من غير مخطئ ولا توجد جريمة من غير فاعل... ومع كل هذا فإن المخطئ لم يتم توجيهه تربويا وتعليميا ولا مرتكب الجريمة وأعني هنا جرائم التجاوزات على المال العام التي يرتكبها الكبار موضوع مقالنا السابق وجد رموزها العقاب المتوقع ولهذا تفشت ظاهرة التجاوزات بشكل مخيف!

قد لا يستفيد البعض من هذا المقال ويرى البعض الآخر بأنه نموذج فلسفي يعني «مجرد كلام» ومجموعة قليلة ممن بالفعل تشبعت عقولهم بمفاهيم الرشد الفعلي تدرك ماذا أعني بالضبط!

إنه حلم كاتب بسيط.. لا يجد متنفسا إلا من خلال الكتابة حيث تهبط أفكاره على الورق وما كل مجتهد مصيباً كما يقولون.

الحلم الذي أبحث عن تحقيقه ما زال في خانة «الحلم» وسأظل أحلم إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.. وإنها دورة الحياة وقد يكون هذا ليس بزماننا ولا الرجال رجالنا وهذا وإن صح لا يعتبر مبررا كافياً للوقوف وقفة المشاهد.

مما تقدم٬ ليعلم الجميع صغاراً وكباراً أن الرشد الحقيقي الذي نبحث عنه لا يقاس بعمر القيادي والمهتم بالشأن العام إنما الرشد الحقيقي له علاقة وثيقة في الثقافة التي تقبع في عقل الفرد صغيرا كان أم كبيرا.

نريد تطبيقا يقتنص القيادات الرشيدة لتتولى زمام المبادرة في إصلاح شؤوننا ( تعليم٬ صحة٬ خدمات...إلخ) فما نراه أشبه «بشخبطة» لا يقوم بها إلا الصغار في فصل دراسي حيث لا رشد ولا ثقافة سليمة قد تشكلت بعد... والله المستعان!

الآن - الانباء

تعليقات

اكتب تعليقك