شعبية جاسم الخرافي غمرت الكويت جميعاً!.. بنظر صالح الشايجي

زاوية الكتاب

كتب 791 مشاهدات 0


الأنباء

بلا قناع  /  كان كالسهل المعشب

صالح الشايجي

 

رحم الله جاسم الخرافي..

لم يكن طاووسا مزهوا بريشه البراق الملون.. ولم يكن نعامة في الحروب يدفن رأسه عندما يثور غبار المعركة..

«لم يمش في الأرض مرحا.. لم يخرق الجبال.. ولم يبلغها طولا»..

كان بشوشا باسما بسوما..

لا يعبس في وجه.. ولا يشيح برأسه عن سائل أو عن خصم ذي مكيدة..

جرّحوه كثيرا.. وما أظنّه جرح أحدا..

كان كالسهل المعشب..

وكالودق حين جفاف..

ما غره ماله المتدفق من أصقاع الأرض كلها.. ولم يبعده عن الخوض في الشأن العام وان يمتطي خيله في تلك المضامير ذوات النتوءات الخطرة والتعرجات والمنحدرات.. فناله ما ناله من خصوم أشداء يرون غير ما يرى ويبحرون بالسفينة على غير رغبة ربانها وهو ربانها.. فلم يجزع ولم يضق صدرا.. وقابل باللين شدّتهم.. وبطيب القول جارحَ قولهم.. ومضى بالسفينة الى برّ الأمان..

ولست هنا أنحاز له وأقف ضد من خاصمه وشاقّه وحاول حرف بوصلة سفينته.. فلأولئك الخصوم رؤاهم وصحة ما يرون.. ولهم جليل القدر فيما يرون.. ولكنما أوصّف حالة عليها جمعٌ من الشهود..

«أحسنْ إلى الناس تستعبدْ قلوبهم فطالما استعبد الانسانَ إحسانُ».

هكذا هو وهكذا شعاره وخارطة دربه في حياته حتى وإن لم يكن قرأ ذاك البيت الشعري أو عرفه فتأثر به.. وسار على نهجه..

كان محسنا بغيرما غرض.. حتى وإن سار الوشاة والقوّالون بغير ذلك.. مسبّبينَ إحسانه إلى أغراض سياسية لا إنسانية..

وكانت شعبيته لا تقتصر على منطقته الانتخابية التي تأتي به أصواتها إلى قبة البرلمان.. بل غمرت الكويت جميعا بمناطقها كافة.. وكذلك لم يقتصر خصومه على فريق من زملائه البرلمانيّين.. بل توزّعوا على مناح ونواح كثيرة خارج البرلمان..

والسياسة خصومات.. والسياسي بلا خصومة ولا خصوم.. هو كماء بخار القدر.. لا يبلّ ريقا ولا يطفئ عطشا..

وما كان «جاسم الخرافي» بخار قدر..

اعتزل الحياة السياسية بإرادته ولم تعزله هي مرغما..

نأى عنها وابتعد وهي كانت تناديه..

وإذ ننعاه اليوم.. فإنما ننعى شطرا مهما في تاريخ الكويت السياسي..

شطرا صاخبا مليئا بالضجيج والاضطرابات والحسابات العسيرة..

ولا أظنّ أنّ من خاصمه أدنى أو هوّن أو قلّل ممّا فيه من صفات إنسانية تستحق الاحترام والتقدير.. بل أبقى عليها وأكبرها فيه..

وفي الختام مثل البدْء.. رحم الله جاسم الخرافي..

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك