هل تولي الدولة اهتماماً حقيقياً بالثقافة؟!.. وليد الرجيب متسائلاً

زاوية الكتاب

كتب 437 مشاهدات 0


الراي

أصبوحة  /  التنمية الثقافية

وليد الرجيب

 

اختارت اللجنة الدائمة للثقافة العربية في ختام اجتماعاتها يوم 19 مايو الجاري دولة الكويت عاصمة للثقافة العربية لعام 2022، تقديراً للدور الكبير الذي توليه للثقافة والمثقفين، علماً بأن الكويت احتفلت فعلياً باعتبارها عاصمة للثقافة العربية في العام 2001، وحسب المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الدول العربية، فإن الكويت وضعت آنذاك سقفاً عالياً من الأنشطة الثقافية النوعية، يصعب الوصول إليه.

لكن هل فعلاً تولي الدولة اهتماماً حقيقياً بالثقافة والمثقفين في الفترة الحالية؟ وهنا أنا لا أتحدث عن دور المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، بل أعني الحكومة بإدارة مجلس الوزراء، من حيث اعتبار أن نشر الثقافة الرفيعة هو جزء أساسي للتنمية، بل أهم من البنى التحتية والمباني الشاهقة، كما يعاني المجلس الوطني من ضعف الميزانية، ومن بيروقراطية الإدارات المالية بالدولة بسبب عدم استيعابها لأهمية الثقافة كأساس للتنمية الإنسانية، إضافة إلى تطوير العملية التعليمية، الممهد الأساسي لتلقي وتذوق الآداب والفنون وللسلوك الحضاري، وحتى داخل المجلس الوطني سنجد أن بعض الإدارات تعمل بروتين وبيروقراطية لا تتناسب مع متطلبات التنشيط الثقافي.

ففي سبعينيات القرن الماضي، كانت هناك تجربة ثقافية بسيطة تناسب الواقع البسيط، وهي برنامج «الترويح السياحي» الذي كان يقوده المرحوم صالح شهاب، وكان البرنامج يقدم في فصول الصيف لمن لا يستطيع السفر أو المضطر للبقاء في هذا الفصل، لكنه كان يقدم أنشطة نوعية ساهمت بتقديم صورة الكويت كدولة تعنى بالشأن الثقافي وكان للمثقف شأن وتقدير، بل اختير منهم رجالات دولة كسفراء ووزراء ومسؤولين عن أجهزة ثقافية مهمة ومستشارين في الديوان الأميري، وكلنا نذكر عروض الباليه والفرق الموسيقية والأنشطة الثقافية في تلك السنوات.

لم تكن النهضة في سنوات الستينيات والسبعينيات شكلانية، أي المظهر الخارجي للبلد من مبان وشوارع ومدارس وغيرها فقط، ولكنها اتكأت على تطور اجتماعي وسياسي للمجتمع، أي كانت ثقافة المجتمع السائدة هي الثقافة الرفيعة نسبياً آنذاك، ومع تراجع العامل الاجتماعي والسياسي بدت الثقافة هامشية في أجندة الحكومة.

فحتى نخطط للتنمية يجب أن يكون الإنسان هو البداية والمحور لها، ولأن السلوك هو جزء أصيل من ثقافة الإنسان والمجتمع، فلا يمكن أن يرقى سلوك ويتطور إلا في ظل تعليم متطور وثقافة منتشرة، حتى في الأحياء والمناطق السكنية، ويجب أن تكون الكويت عاصمة دائمة للثقافة كما كانت منذ الخمسينيات وحتى نهاية السبعينيات، عندما كانت فكرة بناء دولة مدنية حديثة حاضرة.

وإذا كانت الحكومة جادة وواعية لأهمية الثقافة من أجل تنمية إنسانية، يجب البدء بإلغاء وزارة الإعلام وإنشاء وزارة للثقافة، مثل أغلب البلدان، بما فيها بعض الدول الخليجية، وتحويل أجهزة التلفزيون والإذاعة إلى هيئة، لا تدار بالعقلية القديمة وإنما بعقلية متجددة، تسمح بهوامش كبيرة لحريات الرأي والتعبير وبتقنيات وطرق حديثة.

الثقافة هي ليست قص الشريط والافتتاح، بل هي العقلية والسلوك اللذان يجب أن تحرص الدولة على تطويرهما، مثل الحضور باكراً للأنشطة والصمت احتراماً للعروض، وهذا ينطبق على السلوك في الشارع وأثناء القيادة وفي الإدارات الحكومية، وأسلوب تعامل الموظف ورجل الأمن والطبيب مع الناس، بل إن الثقافة والتعليم المتطور هما حصانة لشبابنا من الغلو والاتجاهات المتطرفة.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك