القيادي الـ'سوبر مان' لا وجود له!.. هذا ما يراه تركي العازمي

زاوية الكتاب

كتب 566 مشاهدات 0


الراي

وجع الحروف  /  البساطة.. لا تعني 'ضعفاً'

د. تركي العازمي

 

في لقاء تم في العام 2010 بعد مؤتمر الدكتوراة بجامعة ليدز البريطانية... وبعد تقديم ورقة العمل دخلنا في نقاش حول مفهوم «البساطة» لدى بعض القياديين الأكثر تأثيراً على مستوى العالم.

كنت وما زلت مؤمنا بأن أي شخص يتقلد منصباً قيادياً يجب أن يتصف بالبساطة والتي يطلق عليها المجتمع الغربي Down to earth يعني شخصاً متواضعاً شفافاً صريحاً حتى في اعترافه بنقاط ضعفه!

وهو ما أكده البروفيسوران قوفي وجونز من جامعة لندن لإدارة الأعمال في بحثهما عن سبل الإقناع 'إن القيادي يفترض أن يبين نقاط الضعف لديه وبالتالي يختار التابعين له ليتجاوز الضعف ويتسلح بقدرات من هم أكثر إلماما بالجزئية التي تشكل الضعف لديه ومن لا يعترف بها٬ أي نقاط الضعف٬ فهو ليس بقيادي!

القيادي من دون تابعين ليس قيادياً لأنه ببساطة لا يوجد «قيادي سوبرمان»!

نحن في مجتمعاتنا لا نعترف بالضعف، ويظن القيادي أنه إذا سلك هذا النهج فسيتصور الآخرون أنه ضعيف الشخصية!

من قال لك هذا... إنها تعبيرلحال لسان المتمسكين بالثقافة العرجاء.

ثقافتنا تريدك أن تكون قوياً في كل شيء وملماً بكل شيء وكي تكون قيادياً ناجحاً (من وجهة نظرهم) فستجدهم يختارون من يسمع وينفذ ولا يبدي رأيه بصراحة ولا يمنح صلاحية اتخاذ القرار، ولهذا السبب نجد الحالة الإدارية سيئة لأن القيادي ليس بقيادي وهو ما يفقد القيادي «السوبرمان» خصلة الرؤية وحسن الاختيار.

بساطتك تعني الشفافية... تعني الوضوح تعني قوتك في التجرد من هوى نفسك والتعرف على نقاط الضعف لديك وتعويضها من خلال التابعين لك من قياديين تشغيليين وهي حتما لا تعني ضعفك «عارف كيف»؟!

لك أن تتخيل موقفاً حصل وقد كنت شاهداً عليه... أحد القياديين عندما اختار «شخصا» لم يكن من ضمن المرشحين للمنصب القيادي وواجهته بكل صراحة وأريحية بالسؤال «لماذا اخترت فلاناً... عندك فلان وفلان أفضل تحصيلاً علمياً وخبرة وحنكة»... فكان رده «لا يا بو عبدالله.. ما نقدر هذه النوعية تزعجنا واحنا ما نبي عوار راس.. نبي ننفذ اللي في بالنا».

طبعا لم أدخل معه في جدال وإن حاولت إقناعه فلن أخرج بنتيجة لأن بداية التبرير خاطئة ونابعة من ثقافة «عرجاء» فاكتفيت بقول «الله المستعان»!

وبعد سنتين سقط القيادي لأن النتائج لم تكن مرضية... والسبب أنه تسلح بمن هم أضعف منه ولم يكن أهلا للمسؤولية التي تستوجب تحقيق النتائج المرسومة.

الحاصل٬ أن القيادي يرسم الرؤية أو تساعده إحدى الجهات الاستشارية في صياغتها ورسم أهدافها ويقوم هو بدوره في الطلب من القياديين التابعين له لوضع الإستراتيجيات التي تدفع بتحقيق النتائج التي توصل للأهداف المرسومة سلفاً.

إنني أكتب من زاوية البساطة... ولو أنها مثالية على حد تعبير معظم الزملاء لكن لا مجال أمامي سوى هذا الخط الذي بحثت فيه وتعلمته، وهو حصيلة دراسات بحثية سبقنا إليها الباحثون في حقل القيادة والإدارة.

كم أتمنى أن يأتي اليوم الذي نرى فيه القيادي وقد تم اختياره «صح» وأن يمنح الصلاحيات المطلقة لاختيار التابعين له من قياديين تشغيليين وفق معايير احترافية تتبعها معظم الجهات المحترمة في دول شهدت مؤسساتها قفزات في مستوى الإنتاجية تجاوزت البعض حدود تلك الدول.. وسأظل أحلم وهو أقل شيء أستطيع التعبير عنه بعد أن أزعجنا الواقع القيادي المتبع... والله المستعان!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك