حمود الحطاب يتساءل: أين هي البصرة اليوم؟

زاوية الكتاب

كتب 693 مشاهدات 0


السياسة

شفافيات  /  الأمانة المربع الذهبي في نوعية الدعوة الإسلامية

د. حمود الحطاب

 

من أهم ما في دين الإسلام علميته , ولأنه ليس موضوعنا الأساس فسأختصر ذلك بالقول :لأن الإسلام دعا للتحقق من الإسلام نفسه, وهذا عجب عجاب, فليس هناك كاتب ولا كتاب يدعو للتحقق والثبت والتأكد مما في محتوى ما يقول عادة , فدساتير العالم السياسية تقول أنا هنا, وليس هناك حاجة للنظر والتحقق في ما كتبت. قال الله تعالى: “أفلا يتدبرون القرآن” وهذه دعوة من الله سبحانه للتحقق بما في القرآن من كلام وعلم, والتدبر هو الوقوف خلف كل آية للبحث بما فيها وبكل وسائل العلم والمعرفة فأي ثقة هذه!
ومن هذا المنطلق دعونا نقف خلف آيات “الأمانة” التي هي في وزن الجبال وليست كلاما عابرا, فهل يكفي في وزنها وقوتها قول الله تعالى إنه عرضها على السموات والأرض والجبال فاستصعبت حملها بل رفضت حملها وخشيت من حملها, وأشفقت على نفسها من حملها; فهل هذه الأمانة هي في حدود أمانة السلوك البشري اليومي العادي بالمحافظة على أمانة المال, وأمانة الغسل من الجنابة, وأمانة الصوم مثلا؟ أم أن الأمانة بهذا الثقل العظيم الذي تأبت منه السموات والأرض والجبال تحمل معاني في الأولوية أعظم من ذلك, ولم يتطرق لها العلماء الأجلاء في تفسير هذه الآية؟ هذا مهم جدا في بحثنا هذا وبيت قصيده الإجابة عليه.
إن هناك ما يحملنا على القول بالتدبر من جديد في حيثيات الإسلام نفسه مندفعين من خلال سياق الآية وموحياتها لنرى موقع الأمانة بنظرة أكثر عظمة وأكثر عمقا وبعدا وتأثيرا , لنراها وهي بهذه العظمة من جديد, وليس في ذلك تعد على ما انتهى اليه المفسرون العلماء الأجلاء من تفسيراتها, وليس هو تعد على قواعد التفسير فذلك يستحق الضرب طول الحائط وعرضه ودعونا بعد هذه التهيئة لمستقبل الكلام العظيم في الأمانة نسترسل في ما قاله المفسرون فيها والمفكرون:
قال قتادة: الأمانة, الدين والفرائض والحدود, وحجرها بعضهم بالغسل من الجنابة… وهذا عجيب جدا بعد قوله تعالى إنه عرضها على كل ما عرضها عليه السماوات والأرض والجبال, ولا شك أنها من الأمانة لكن لا تقصر الأمانة العظيمة المذكورة هذه عليها, كما هو سياق الآية كما أرى , وقال أبي بن كعب: من الأمانة أن المرأة اؤتمنت على فرجها.
وأقول: نعم هذا كله ومثله داخل في جزئيات الأمانة, وليس حصرا لها والله أعلم, وحدث الحسن البصري قال: عرضها على السبع الطرائق التي زينت بالنجوم- وبودي أن أُلفت النظر هنا إلى أهمية البحث في حقيقة السبع الطرائق المزينة بالنجوم, وهذا مبحث علمي كوني للمسلمين لو يتدبرون عمليا معاني قرآنهم , والكلام هذا لي أنا كاتب هذه السطور-ويتم البصري عالم البصرة أيام كانت البصرة حلقة علم بأكملها أنهارها ونخيلها وقيعانها وهواؤها وبشرها, يتم تفسيره فيقول: وعرضها على حملة العرش العظيم -ولو يعلمون من هؤلاء في قوتهم وجبروتهم ; كما بينته أحاديث الرسول (صلى الله عليه وسلم): إن ما بين عاتق أحدهم ورقبته مسيرة سبعمئة عام تخفق الطير, يعني تلك المسافة في هذا الجزء من جسم أحدهم العظيم تقاس بسرعة طيران الطير السريعة ,وتستغرق كل هذا العمر في إدراكها- فيا سبحان من خلق -تم عرض الأمانة عليهم, أي جميع ما ذكر, ويكمل البصري قائلا: فقيل لها:” هل تحملين الأمانة وما فيها؟ قال قيل لها إن أحسنت جزيت وأن أسأت عوقبت, قالت لا, ثم عرضها على الجبال الشم الشوامخ الصعاب الصلاب – وما أدراك ما أوزانها وارتفاعاتها وطولها وعرضها وما تحمله من كنوز وأسرار- هل رأيتم جبال الألب؟ هل رأيتم جبال الهملايا, وجبال زاغروس وغيرها؟ قال قيل لها هل تحملين الأمانة وما فيها؟ قالت وما فيها؟ قال لها: إن احسنت جزيت وإن أسأت عوقبت, قالت لا.
إن ذكر الأمانة هنا في هذه المقالة وما قبلها وما بعدها والتركيز عليها يأتي في سياق موضوع مهم ألا وهو “الدعوة الإسلامية هل تحتاج لجماعات تحملها” وكانت محطة الأمانة هذه غاية في الأهمية في هذا الموضوع والحديث فيها ضروري جدا… وقد يطول.
وأختم كلامي بأني حين ذكرت الحسن البصري الذي ينسب إلى مدينة البصرة في العراق تذكرت أنه كان ينسب لها الحسن البصري العالم الجليل لعظم شرفها ومكانتها العلمية والشرفية البشرية والإنسانية بين سائر المدن الراقية… فأين هي البصرة اليوم؟

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك