الإنسان المتحضر يقبل التغيير للأفضل!.. هكذا يعتقد خالد الجنفاوي

زاوية الكتاب

كتب 2026 مشاهدات 0


السياسة

حوارات  /  رفض التغيير للأفضل خوفاً من الغموض

د. خالد عايد الجنفاوي

 

يوجد في كل عقل إنساني نماذج تفكير أساسية يصعب تغييرها بسهولة أو بسرعة, وهي تؤثر بشكل مباشر في تشكيل طرق التفكير الرئيسية لدى الفرد وانطباعاته بشأن العالم, بل وتؤثر هذه النماذج الفكرية على طريقة استيعاب أحدهم لما يجري حوله, فثمة أفراد يمتلكون بسبب طبعهم أو تطبعهم طرق تفكير عملية, وثمة آخرون يُغلِّبون الجانب العاطفي في تفكيرهم ما سيؤدي بهم إلى الانغماس وبشكل معتاد في المشكلات مع أنفسهم ومع الناس الآخرين ومع المجتمع ككل. أعتقد أنه يمكن لأي إنسان أن يغير طريقة تفكيره إذا رغب في ذلك, فالإنسان وسجيته وطبعه وتصرفاته وسلوكياته تشكلها طريقة تفكيره.
الإنسان المتحضر والمتمدن, قولاً وفعلاً, يقبل التغيير للأفضل لأنه من المفترض أن أغلب سلوكياته وتصرفاته النظامية والسلمية تتجلى في معرفته الدائمة لحدود حريته الشخصية واحترامه الراسخ لحريات الآخرين والتزامه بالقوانين المحلية, وخصوصا تلك التي تنظم العلاقات الاجتماعية, فالإنسان المتحضر يقف في الدور من دون تململ لأنه يحترم الآخرين, وهو الشخص نفسه الذي سيحترم قوانين المرور في بلده والبلدان الأخرى, وسيؤدي ما عليه من واجبات ومسؤوليات وطنية دون أن يشعر بالضجر. ما يجعل الإنسان متحضر النفس والهوى والتصرفات هو امتلاكه لأنموذج تفكير مرن وعملي اكتسبه بسبب عيشه في بيئة متمدنة أو عن طريق اطلاعه وممارسته الفعلية لسلوكيات التحضر في حياته اليومية, وثمة احتمالية دائمة في أن يغير هذا النوع من الأفراد المتفتحين طرق تفكيرهم للأفضل, وقت ما يشاؤون.
يمكن أن ينحدر أحد الأفراد بتفكيره عن طريق ممارسة سلوكيات وتصرفات ضيقة الافق, فكما يفكر الانسان يكون هو نفسه, سلباً أم إيجاباً. وفي هذا السياق, يصعب تغيير طرق تفكير مجموعة من الافراد للأفضل ما لم يبدوا استعدادا ذهنياً وأخلاقياً طوعياً لتفعيل وسائل التغيير الإيجابي التي يرغبون بها أو التي يتم تثقيفهم حولها.
في المحصلة الأخيرة, تبدو الإرادة والرغبة الشخصية في التطوير هي منصة الاطلاق لتحقيق كل أنواع التغييرات والتطورات الإيجابية في المجتمع, ولا يمكن فرض التغيير للأفضل على إنسان يبدو يعجبه وضعه الحالي ولا يريد تغييره لما هو أفضل, فحتى لو حاول المثقفون والمتنورون وأهل الآراء السديدة, فثمة أفراد سيرفضون التغيير للأفضل خوفاً من غموض ما هو مختلف, لكن, قال الفيلسوف الإنكليزي المشهور اللورد شيستيرفيلد: “لا يستطيع المرء اكتشاف المحيطات الجديدة ما لم يمتلك الشجاعة ليغادر مكانه المعتاد:.

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك