'شاهد ماشافش تنمية'

زاوية الكتاب

زايد الزيد يكتب عن خطة التنمية 'الكونكريتية' وميزانيتها الخُرافية بـ 130 مليار دولار

كتب 2384 مشاهدات 0

من الأرشيف

 

 
 
 
الخلاصة
 
«شاهد ماشافش تنمية»
 
زايد الزيد 
 
جاء تصريح أحد مسؤولي الحكومة وتحديداً الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية هاشم الرفاعي لإحدى الصحف الأحد الماضي صاعقا وخطيرا، ليس بالنسبة لنا ولكثيرين، ولكن لجماعة - الله لايغير علينا- الذين صدقوا بوجود خطة للتنمية بل وطبلوا لها وازعجونا بالضجيج الذي افتعلوه حولها، حيث كشف الرفاعي عن عدم وجود خطط تنمية حقيقية سابقة، معتبراً ما تم الإعلان عنه خلال الـ 8 سنوات الماضية مجرد تجميع لمشاريع جهات حكومية افتقرت إلى التسويق الصحيح، وهو اعتراف رسمي خطير ولاشك، يؤكد أنه شاهد ماشافش تنمية وهذا أمر خطير يكشف عن حجم الاستهتار الكبير بالشعب، فالحكومة تعلن عن خطة تنموية كبرى وترصد لها مبلغا خرافيا قارب الـ 130 مليار دولار، ثم تأتي الحكومة ذاتها تقريبا لتعلن بأنه لم تكن هناك خطة تنموية ولاهم يحزنون!
 
الكثيرون من أبناء الشعب الكويتي - ونحن منهم - لم يصدقوا قصة خطة التنمية - من أساسها - واعتبروها نكتة سمجة، وذلك لأسباب عديدة ربما نحتاج إلى مقال منفصل نشرح فيه ذلك، لكن باختصار نستطيع ان نقول وبكل وضوح ان الشعب الكويتي فقد الثقة في أي اجراء أو توجه حكومي ومنذ حل مجلس الأمة في عام 1986، لأنه منذ ذلك التاريخ والحكومة لم تقدم على انجاز مشروع حيوي واحد، ناهيك عن خطة تنموية تقود البلاد، وكل مانعتاش عليها من خدمات ونتعايش معها ماهي الا من انجازات ذلك الزمان البعيد! ولكن الأمر المهم اليوم، أننا بتنا نتساءل بجدية: هل يحق لنا ولأي مواطن في دولة الكويت أن يتساءل وبكل صراحة عن مصير مليارات خطة التنمية التي كنا نسمع عنها ولم نر اي شيء منها على ارض الواقع؟ في صراحة نريد وبكل شفافية - ان كان يحق لنا ذلك - معرفة ما تمّ صرفه من تلك المليارات؟ وماذا بقي منها؟ وعلى ماذا صرف ما صرف؟ فهل سنحصل على أجوبة شفافة لتلك التساؤلات؟
 
 والأمر المهم، هل سيكون هناك دور ملموس لديوان المحاسبة ليكشف المخالفات بخطة التنمية التي لم توجد اصلا؟ والأهم من ذلك، هل ستقوم الهيئة العامة لمكافحة الفساد باستدعاء القائمين على مايعرف بخطة التنمية ومساءلتهم ومحاسبتهم عن هذه الفضيحة؟ ولنكن صرحاء أكثر، ماذا لو تم الكشف عن المقصرين، هل ستتم إحالتهم إلى القضاء؟ واذا تمت احالتهم للقضاء هل ستكون الأدلة المرفقة من جانب الحكومة بملفات القضية مكتملة أم ستكون مهلهلة، تسعى لتبرئة المجرمين أكثر من محاولة ادانتهم، وسنبقى ندور في دوامة الأخطاء الإجرائية؟ ومن ثم لن نشاهد فاسداً خلف القضبان !
والحقيقة المُرة، ان المتأمل والناظر لحال البلد خلال سريان ما كان يعرف بخطة التنمية منذ سنوات خلت، يعرف جيدا أنها ليست خطة تنموية بالمعنى المتعارف عليه، فهي حسب ما تم الترويج له آنذاك كانت  خطة كونكريتية لا خطة تنمية حقيقية تهتم ببناء الفرد والمجتمع، والتنمية بالبرامج والمشاريع التي تسهم في تنشئة الفرد، وقد كتبنا هنا في هذه الزاوية غير مرة منتقدين ماكانت يعرف بخطة التنمية، وقلنا انها مجرد تجميع للمشاريع الانشائية لدى الوزارات والهيئات الحكومية، جُل همها ترميم الشوارع ورصفها وبناء طرق سريعة وجسور وانشاء بعض المباني، وهذا كله ليس له ادنى علاقة بالانسان الذي هو عماد كل خطة وحضارة.
 
ولكن للأسف الشديد فانني اليوم اعترف انني كنت مسرفاً في التفاؤل حينما اعتبرت ان خطة التنمية المزعومة ماهي الا خطة كونكريتية، اليوم اعلنها بفم ملآن اننا لم نجن حتى مشاريع الكونكريت، ذلك ان ماتم انجازه حتى الآن من مشاريع كونكريتية تملؤها العيوب ويشوبها الفساد. فلاحول ولاقوة الا بالله.
النهار- مقال يفرض نفسه

تعليقات

اكتب تعليقك