الميزانية العامة والإنفاق المجنون!.. يكتب صالح الشايجي

زاوية الكتاب

كتب 412 مشاهدات 0


الأنباء

بلا قناع  /  الكويت بين زمنين

صالح الشايجي

 

بحكم مولدي في منتصف أربعينات القرن العشرين، فأنا أنتمي إلى جيل النفط لا إلى جيل البحر.

أتحدّث هنا عن التصنيف الكويتي الموزع بين البحر والنفط، وهما مصدر الرزق للكويتيين، ماضيا وحاضرا.

علمتني الدولة في مدارس جيّدة التهيئة والتنظيم، وأطعمتني في تلك المدارس وكستني وطببتني أيضا. أتكلّم عن جيل أنتمي إليه لا عن شخصي.

سنواتي القليلة قبل مرحلة التعليم هيّأت شخصيتي لاستقبال رقة الحال التي كانت عليها الكويت والكويتيون، لأن النفط الذي سبّب الثروة للكويت والكويتيين، لم تبدأ انعكاسات ثروته بمجرد إبحار أول باخرة حملته من موانئنا الى حيث أوصلته لطالبيه ومشتريه، بل إن الأمر استغرق زمنا (وإن لم يطل ذلك الزمن ).

هذا أتاح لي أن أعرف إمكانية أن الناس يمكنها أن تعيش وتحيا وربما تغتني بعيدا عن رعاية الدولة أو أمومتها وإغداقها العطف على بنيها.

فإن كانت الدولة قد رعتني فهي لم تفعل ذلك مع أبي وجيله، لم تعلمهم ولم تطعمهم ولم تكسهم، كانت لا دولة، لا مورد، لا رزق، كانوا هم من يطعمها ويدس في أحشائها قوت يومها القليل.

أخلص من هذا - أو هنا ابدأ - إلى ضرورة وجوب انسحاب الدولة الراعية التي تطعم وتكسو وتغدق على بنيها وحتى من توهمتهم بنيها ومن تبنّتهم ليكونوا في عداد بنيها، لتكون دولة حضريّة تعلم معنى الدولة وتعلّمه لبنيها، ولتقول لهم أنتم الدولة وأنتم من يعمل ويكدّ وينفق، وأن ترفعهم عن حضن دلالها واحتوائها لهم والإغداق عليهم بسفاهة وبطر، حتى صاروا اتكاليّين تواكليّين كتنابلة السلطان، ينامون ضحاهم ويصحون ليجدوا موائدهم عامرة بالأطياب والملذات التي أعدتها لهم الدولة.

أثير قبل أيام موضوع زيادة أسعار الوقود، فبربر المبربرون وتحلطم المتحلطمون وزعق الزاعقون، رافضين تلك الزيادة!!

لماذا؟

لأنّهم فتحوا أعينهم على الدلال وسفه العطاء وسوء الإنفاق، ولقد استمرأوا هذا الحال الرخو البائس ويريدون إغراق أجيالنا القادمة في بحره.وعلينا أن نقف بكل حزم مع كل ما من شأنه أن يخفف الوطء عن الميزانية العامة التي إن كانت قادرة اليوم على الإنفاق المجنون، فقد تعجز في غد قريب عن الإنفاق العاقل والعادل!

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك