الحج عبادة وليس مكاناً لمغامرة سياسية.. هكذا يرى محمد الشيباني

زاوية الكتاب

كتب 486 مشاهدات 0


الحج عبادة.. لا مغامرة!
د. محمد بن إبراهيم الشيباني

من أراد حجاً مُثاباً عليه متقبلاً منه مأجوراً عليه، ويريد أن يرجع وكأنه في التو ولدته أمه فعليه ألا يرفث ولا يفسق ولا يجادل، حتى تنتهي أيام الحج.
والرفث الجماع، وهو محرم، والفسوق سواء بالقول أو الفعل والجدال أن يأتي بأمور ليست من الحج في شيء منه، كأن يدخل القضايا السياسية والحزبية والطائفية فيه ويريد من وراء ذلك استفزاز الغير المخالف له. ونيته وقصده المضروبون في الأصل على ذلك، أي إشغال الحجاج في غير طائل وجرهم إلى باطل محض لا خير فيه ولا نفع ولا أجر، أو مثوبة، إنما شر وإثم ووزر.
جعل الله تعالى الحج مرة في العمر، كما الزكاة والصيام مرة واحدة في السنة، على عكس الصلاة، فهي يوميا وفي خمسة أوقات. والعامة كثيرا ما تسمع منها طبعا عن جهل إذا سألت: «هل حجيت؟»، رد عليك بقوله: سأتوب أولاً من ذنوبي وأتخلى عن فسوقي وعصياني! فالحج عند كثير من العامة هو نهاية للأعمال غير الطيبة التي يرتكبها الإنسان في حين غفلة من أمره ونسيانه أن الأيام تطوي عمره وهو غير مدرك لذلك أو منتبه، فإذا عزم الإنسان على الحج فإرادته من وراء ذلك أولاً أداء هذا الركن المفروض عليه، وثانيه التطهر من كل ما سبق ذكره والندم عليه أثناء الحج، وثالثه إرادته الرجوع كيوم ولدته أمه، أي خاليا من الذنوب والخطايا الماضية، ومن يرد ذلك في حجه الأول أو الثاني أو حتى العشرين وزيادة على ذلك، فعليه ألا يخدش هذه الفريضة بأي جارحة تؤذيها وتشغب عليها، ثم لا يرجع بعد ذلك كما جاء في النص الصحيح الوارد عن نبينا في تعاليمه كيوم ولدته أمه.
إذاً، ما فائدة الحج إن لم يكن غفران ذنب بعمل متقبل ورجوع بأجر كبير مدّخر له يوم الحساب الذي نصت عليه كل الكتب السماوية وحذرت من صعوبته وشدته؟!
ومجمل ما سبق ان الحج ليس مكاناً لمغامرة سياسية ولا جدال طائفي أو حزبي أو مكاناً للتفاخر بالأنساب والأحساب والغنى وكثرة الشركات، فالناس هناك كلهم يتساوى بعضهم مع بعض؛ لباسهم واحد في تصوير مصغّر ليوم المحشر، بل هو ليس مكاناً لعراك تستخدم فيه الأسلحة البيضاء أو التدافع، ربما المتعمد فيُقتل فيه الحجيج الآمنون. والله المستعان.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك